من يعتلي منبر خطبة يوم عرفة الجمعة المقبل؟ كان السؤال الأهم في الأوساط الإسلامية ونحن على مقربة من يوم الحج الأكبر.. جاءت الإجابة سريعة بعد صدور الموافقة السامية بتكليف الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى عضو هيئة كبار العلماء، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، بإلقاء الخطبة وأداء الصلاة في يوم عرفة الذي يعتبر محور الأنظار ليس لحجاج بيت الله فحسب بل لشعوب العالم أيضاً.
وتنتظر الأمة الإسلامية خطبة عرفة كل عام بكل لهفة وشوق، هذه الخطبة بصفتها خطبة إنسانية كونية، تتضمن إرشادات ربانية للتوادّ والتراحم والمساواة والتآخي والتكاتف، والحثّ على الترابط والتحلي بالقيم الإسلامية الرفيعة في جميع المعاملات اليومية، والإحسان إلى المحتاجين وتكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال وتعزيز التضامن تأسياً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
العيسى، والذي صدرت الموافقة السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإلقائه الخطبة وأداء الصلاة في يوم عرفة بمسجد نمرة، يعد شخصية إسلامية عالمية عريقة حظيت باحترام وتقدير في الأوساط الإسلامية والعالمية.
وأصبح العيسى، وزيراً للعدل في العام 1430هـ، وحتى إعادة تشكيل مجلس الوزراء في العام 1436هـ، وفي العام نفسه صدر أمر ملكي بتعيينه مستشاراً بالديوان الملكي بمرتبة وزير. واختير في شعبان 1436هـ أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي.
وهو يعمل وفق نهج المملكة الحريص على تبيان عدالة الإسلام الإنسانية التي لا تفرق بين أبناء البشر، فهم سواسية تحت مظلة العدل، فلا معنى لألوانهم أو دياناتهم أو أعراقهم أو ثرواتهم، فالإسلام يقف على مسافة واحدة في ميدان العدل وساحة القضاء، فالكل في ميدان البشرية متساوون، والفضل بينهم هو تقوى الله.
وأكد في العيسى كلمة له خلال اجتماع لهيئة علماء المسلمين في كوالالمبور على أن تنوّع البشر واختلافَهم ولا سيما في أديانهم هو قدرٌ إلهيٌّ قضت به حكمةُ الخالق سبحانه وتعالى، كما في قوله سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ)، وما دام الاختلافَ الديني والإثني أمرٌ كونيٌّ لا يُمْكِنُ إلغاؤه أو تجاهُلُه، فإن أقلَّ ما يتعين على الجميع فِعله لضمان التعايُش الآمن والعادل، هو الحيلولة دون تحوُّل الاختلاف إلى كراهيةٍ وعدوانٍ على الآخر؛ واستهدافِهِ بالإقصاء ومصادرةِ حقِّه في الحياة الكريمة
، وقال: «إننا نجد بين الأديان مشتركاتٍ تضمنُ تحقيقَ تآلُف الجميع ووَحْدتهُم الوطنية، وأُخُوتهم الإنسانية، وليس الدينُ (في حقيقته) داعيةَ فُرقة (لا وطنية ولا إنسانية)، بل إن دين الإسلام على الوجه الخصوص رحب بالسلام، وجعل كلمة السلام في عبادة المسلم وتعاملاته، ووعد عباده بالجنة وهي دار السلام، وسمى الله جلَّ وعلا نفسَه بالسلام، وقال في العدو المعتدي المحارب «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا»، هذه هي حقيقة دينِ الإسلام، وليس كما زوَّره المتطرفون والإرهابيون»، لقد تحدث العيسى كثيراً عن ضرورة مواجهة الحواضن المشجعة على الكراهية، مبيناً أهمية دور الشعوب الواعية التي تمثل منظومة العلماء والمفكرين ومؤسسات التعليم ومنصات التأثير في محاربة الكراهية التي سببت الكثير من المآسي وأوقدت الكثير من الحروب. لقد تعاقب على إلقاء خطبة عرفة عدد من الأئمة خلال العهد السعودي في 100 عام، ولكن يوم الجمعة المقبل ستتجه الأعين إلى العيسى الخطيب المفوه.