أعد الدراسة: عبد القادر عوض رضوان *
منذ إطلاق برنامج خدمة ضيوف الرحمن كأحد برامج رؤية 2030، تعمَّق في وعينا الدور المحوري الذي تضطلع به الدولة لتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن تعزيزاً لما تقوم به من أجل خدمتهم وأداء مناسكهم بيسر وإثراء تجاربهم الدينية والثقافية.
من هنا جاء إسناد حزمة من الأهداف الاستراتيجية لهذا البرنامج الحيوي والتي برز من بينها: تيسير استضافة المزيد من ضيوف الرحمن ليصل عددهم الى 30 مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030، والحرص على تقديم الخدمات بجودة عالية لهم وفق معايير عالمية في بيئة آمنة تضمن سلامتهم، وإثراء ثقافاتهم بالمزيد من المعلومات التي تربط وجدانهم بمعالم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، مع اتاحة الفرصة لهم للمشاركة بالفعاليات الثقافية والاجتماعية بما يعكس الصورة الحضارية والمشرقة للمملكة.
ولعل ما يلفت النظر في هذا البرنامج المحوري هو ذلكم الحرص الكبير على إحداث نقلة نوعية في خدمة ضيوف الرحمن في جميع نقاط الاتصال التي يمرُّون بها، ورفع الطاقة الاستيعابية للبنية التحتية ورفع جودة الخدمات وتنويع الخيارات بتعزيز التكامل بين مختلف القطاعات بما فيها القطاع غير الربحي، وإطلاق المبادرات الرقمية لتقديم خدمات متميزة تُيسِّر رحلة الضيف من لحظة تخطيطه لها مروراً بأداء النسك وحتى مغادرته، بما يترجم بوضوح مدلول عبارة (من الفكرة إلى الذكرى).
لقد قامت استراتيجية البرنامج على عدد من الأبعاد، برز من بينها استدامة هذا القطاع تنموياً وبشرياً، اعتماداً على عدد من الركائز ومؤشرات الأداء الخاصة بها، من خلال رفع كفاءة الإجراءات وتحفيز ضيوف الرحمن على القدوم وتوفير الطاقة الاستيعابية المثلى سواء في الحرمين الشريفين أو البنية التحتية والطرق والسكن مع تيسير الإجراءات واختصار فترات الانتظار اعتماداً على منظومة من العمل التكاملي الذي يشمل جميع القطاعات، وبما يجعل المدينتين المقدستين مقصداً عالمياً للزوار عبر مشهد حضاري يكتسي بالعولمة، ويمتد ليرسم الصورة الناصعة لتلك الجهود المبذولة في قالب تنموي معاصر يحقق المستهدفات المطلوبة ويساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وإيجاد آلاف فرص التوظيف.
لقد تصدَّر القطاع الخاص والقطاع غير الربحي أولويات البرنامج ضمن منظومة خدمة ضيوف الرحمن بهدف المساهمة في تحسين جودة الخدمات.
ولعل الخطط الموضوعة لمشاركات الجمعيات الخيرية ومساهمتها في مساعدة كبار السن والمحتاجين وغيرهم من الضيوف من لحظة وصولهم الى المملكة وحتى مغادرتهم ستساهم في رسم الصور الإيجابية المتوخاة من وراء تلك المشاركات التي ستعزز جهود منظومة تقديم الخدمات بأعلى جودة.
كما جاء اهتمام البرنامج باستيعاب المتطوعين للمساهمة في تقديم الخدمات متواكباً مع مستهدفات الرؤية التنموية 2030، التي عنيت بالعمل التطوعي مستهدفة الوصول الى مليون متطوع، وهو الأمر الذي ركز فيه البرنامج على تحفيز العمل التطوعي خاصة في منظومة الإرشاد وإدارة الحشود والخدمات الصحية، والدعم اللوجستي للقطاعات المشاركة.
ولعل الفترة المقبلة تشهد مزيداً من التعاون بين مختلف القطاعات مع القطاع غير الربحي لاستثمار الفرص المطروحة ضمن حقائب تنموية، خاصةً أن هذا القطاع يمتلك من الأدوات ما يساهم في تقديم مخرجات رافعة للعمل التنموي، عبر خبرات تراكمية تجسدت من خلال ما يقدمه للمجتمع من خدمات تركت أثرها المستدام فيه. وليبرز هذا القطاع كأحد أضلاع مثلث التنمية مكملاً للقطاعين الحكومي والخاص.
وهذا ينادي بضرورة حشد الجهود في منظمات هذا القطاع وتوحيدها ودعم مبادراتها الحيوية بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي لتقديم (نموذج تنموي معاصر) لا يقتصر على خدمة ضيوف الرحمن وحسب، بل يمتد على مدار العام لخدمة الزائرين والسياح عند نقاط وصولهم، عبر حزمة من المبادرات الخدمية، بما يدعم استدامة هذا القطاع وتمكينه وتعزيز مساهماته في الدخل القومي لتصل الى 5% وفق الرؤية، بتيسير استفادته من الفرص المتاحة وتوظيف قدراته وخبراته التراكمية لدفع عجلة النمو الاقتصادي باعتباره أحد محركاته.
فعل يبدأ هذا الحراك قريباً؟.. ذلك ما نرجوه.
* المستشار الإعلامي لجمعية البر بجدة