الاحتيال المالي

محمد المحمدي -باحث قانوني 

نظرًا للتطور السريع والملحوظ في الخدمات الإلكترونية البنكية والطفرة التقنية بوجهٍ عام، ازدادت عمليات الاحتيال ولعل أبرزها عمليات الاحتيال المالي والتي أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على الأفراد والكيانات إذ أن البنك المركزي السعودي ( ساما ) قد حذَّر واتّخذ العديد من الإجراءات الوقائية لمواجهة هذا الخطر .

ومن أبرزها الإجراءات الوقائية المُتخذة مؤخرًا والتي أصدر بشأنها البنك المركزي ( ساما ) بيانًا في السابع من شهر رمضان متضمنًا تعليق فتح الحسابات البنكية عن بعد ووضع حد أقصى لعمليات التحويل بحيث لا يزيد المبلغ المُحوَّل عن 60 ألف ريال سعودي وغيرها من الإجراءات الوقائية الاحترازية، ثم أعقبه بعد ذلك بيانًا في الحادي عشر من رمضان جاء مُحدثًا لهذه الإجراءات ومخففًا لها حيثُ تضَّمن إعادة رفع حد الحوالات المالية لوضعها السابق وأتاح للعميل إمكانية خفضها عبر التواصل مع البنك التابع له، وإعادة إمكانية فتح حساب بنكي -عن بعد- .

كل هذه الإجراءات الوقائية والاحترازية تأتي لمواجهة خطر قائم وملموس وهو الاحتيال المالي، والذي سأحاول جاهداً توضيح ماهيته وأبرز أساليبه وما تعلق به من عقوبات النظامية .

ابتداءً صدر نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة وفق المرسوم الملكي رقم م/79 وتاريخ 10/9/1442هـ والذي جاء مبينًا لماهيّة الاحتيال المالي والعقوبات النظامية لمرتكبي هذه الجريمة، إذ جاء تعريف جريمة الاحتيال المالي بأنها :

( الاستيلاء على مال الغير دون وجه حق بارتكاب فعل أو أكثر ينطوي على استخدام أي من طرق الاحتيال بما فيها الكذب أو الخداع أو الإيهام .)

أما الأساليب المُتبعة في ارتكاب هذه الجريمة أصدر حيالها البنك المركزي العديد من الأدلة الوقائية والتعليمات التوضيحية والتي بيّنت أن أساليب الاحتيال المالي تتجدد بشكلٍ مستمر، وتتطور بتطور التقنية وظهور خدمات ومنتجات مالية جديدة .

حيثُ أن المحتالون يستخدمون أساليب متعددة لإيقاع الافراد في عمليات الاحتيال لعل أبرزها استعمالاً :

استغلال الحاجات النفسية للأفراد عبر إيهامهم بالثراء السريع أو الفوز بجائزة مالية أو تمويل مالي أو دخولهم كمستثمرين في شركة استثمارية تضمن لهم الربح السريع والفوري .
انتحال صفة مسؤولين رسميين او حكوميين او موظفي بنوك بهدف الحصول على بيانات الافراد البنكية او الائتمانية او الشخصية .
انشاء مواقع الكترونية وهمية بهدف الحصول على بيانات مشتركي هذه المواقع او متصفحي الموقع .
كما أن كل هذه الأساليب متجددة وقد تتغير من وقتٍ إلى آخر والهدف ثابت ومحدد وهو الاستيلاء على الأموال ، إضافةً إلى أن هذه الأساليب الاحتيالية قد تكون إما باتصال مباشر على الافراد او عن طريق رسائل نصية أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي او عن طريق البريد الالكتروني من خلال ارسال روابط وهمية وكاذبة بهدف إيقاع الضحية في شبكة الاحتيال .

وعلى ضوء ما تبيَّن من ماهية وأساليب للاحتيال المالي يتبقَّى السؤال الأهم ، كيف نواجه عمليات الاحتيال المالي ؟

اتفقنا بأن عمليات الاحتيال متغيرة ومتجددة وتتغير وفق تعاطي الأشخاص معها، ولكن ثمَة واجبات لا يجوز التنازل عنها لوهلةِ ضعف وغفلة ومنها مثالاً لا حَصراً:

تجنب تفعيل خاصية الشراء عبر الانترنت من خلال تطبيق البنك الا في حال استخدام هذه الخاصية ثم إعادة اغلاقها مباشرةً.
التأكد من موثوقية وأمان الموقع الالكتروني أو التطبيق الخاص بالمتجر الالكتروني عند الشراء.
الحفاظ على سرية معلومات البطاقة البنكية وعدم مشاركتها مع أحد أو اضافتها في المواقع الالكترونية الغير موثوقة.
وهنا جئت لآخر محاورنا في هذه المقالة وهي العقوبات النظامية لمرتكبي جرائم الاحتيال المالي وأبدأ بما نصَّت عليه المادة الأولى من النظام ومنها : ” يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (سبع) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (خمسة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى على مال للغير دون وجه حق بارتكابه فعلاً (أو أكثر) ينطوي على استخدام أيٍّ من طرق الاحتيال، بما فيها الكذب، أو الخداع، أو الإيهام ” .

كما نص النظام على معاقبة كل من حرض غيره على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام أو اتفق معه أو ساعده؛ إذا وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها ويعاقب بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها إذا لم تقع الجريمة الأصلية وفق ما جاءت به المادة الثالثة من النظام .

علماً بأن مجرد الشروع في ارتكاب مثل هذه الجرائم وعدم إتمام الجريمة لا يُعفي الجاني من العقوبة إذ أن عقوبة الشروع في ارتكاب هذه الجريمة تمثل ما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة على الجريمة التامة .

وختامًا فإن كل هذه الإجراءات الوقائية والتعليمات المنشورة من قِبل البنك المركزي ونصوص نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة جاءت محاربةً لهذه الآفة الخطيرة ومُحَاولةً لإيقافها والحد من انتشارها، إلا أن كل ذلك يقف أولاً وأخيرًا على وعي الفرد في معرفة خطورة مثل هذه التعاملات على نفسه وعلى المجتمع كافة .

لذا كُن واعيًا وتذّكر ” خط الدفاع الأول هو أنت ” .

 

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

تعليق واحد

  1. المقال يشد القارئ و لغة الكتابة جميله بحيث يفهمها الغير متخصص فى الموضوع فالك التوفيق يارب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.