في عشق المسرح القومي المصري

صموئيل نبيل أديب
مستشار إعلامي و عضو جمعية المراسلين الأجانب في مصر

المسرح القومي بالعتبة.. رائحة الماضي العريق.. يوم أن قرر الخديوي إسماعيل إنشاءه عام 1869 واضعا فيه الروح الأوربية من الرقي و التحضر… لتستمر هذه الروح الراقية الهادئة عبر الأزمان و يصير المسرح قبلة لكل الفنانين و المبدعين في عالم التمثيل والإخراج والديكور والموسيقى.
فلا بد أن تجد بين الممثلين من يفتخر أنه قد وقف على خشبة المسرح القومي يومًا ما، علامةً على علو مقدرته الفنية ، حتى صار الوقوف على خشبة القومي هدفا لكل الأجيال الجديدة من الممثلين…
و لطالما تساءلت بيني و بين نفسي لماذا توجد هذه الروح الراقية في داخل المسرح القومي؟ … هذا التعامل الهادئ الوديع و الروح المحبة للخدمة بين افراده بل و التعامل الراقي جدا لنا نحن الصحفيين و الأدباء.
فعلى مر السنين، و بالرغم من تغير الإدارات المتتالية عليه، واختلافِ كل فكر إداري عن الآخر فإنّه ظل بالروح الطيبة الراقية نفسها، المستمرة من يوسف بك وهبي حتى مديره الحالي الأستاذ إيهاب فهمي الذي يستمر للسنة الثالثة على التوالي في حراسة أسواره ..
و ما أكثر الحكايات التي حدثت بين أبواب المسرح القومي لعل أشهرها أن حدثت مشادة بين فرد الأمن في البوابة و سيدة أتت مع طفلتها ذات الثانية عشرة سنة… و ترغب في الدخول إلى المسرحية وقد دفعت ثمن تذكرة واحدة فقط، و رفضت دفع ثمن الأخرى… ليخرج مدير دار العرض الأستاذ مصطفى عبد الحميد إلى البوابة متسائلًا عن سبب الضجة…و بعد أن عرف السبب تفاهم فى هدوء مع السيدة قائلا : حضرتك لو دخلت مع ابنتك فأين ستجلس هي.؟ علي قدمي.. هكذا أجابت السيده… ليضحك الأستاذ مصطفي بهدوء قائلا : دي عروسة شابة طويلة ستمنع من يجلس خلفها من أن يرى المسرحية.. كما أن الكرسي قد لا يتحمل وزن اثنين عليه، و قد ينكسر…
لتجيبه الأم مع ملامح وجه حملت الانكسار و الترجي : “أدخل ابنتي و سأجلس أنتظرها خارج المسرح” .. ليعرف الأستاذ مصطفي انه عيد ميلاد الابنة…وهى ترغب في حضور المسرحية منذ فترة طويلة. و الأم فقيرة و لا تملك سوى ثمن تذكرة واحدة فقط..
لذا قرر أن يدفع من جيبة الخاص ثمن تذكرة اضافية للسيدة لكى تشاهد المسرحية قائلا :” لا يمكن أن نمنع من يحب المسرح، لدرجة أنّه مستعد أن يقف ثلاث ساعات لكي يسعد ابنته.”
….
شتان بين من يطبق القانون، و من يطبق روح القانون.. وجمال الروح هو الأبقى دائما،
لتستمر رسالة الفن من رئاسة “جورج أبيض” إلى رئاسة الفنان إيهاب فهمي … بينما يعز علينا أن يتركنا الأستاذ مصطفي عبد الحميد الذي يخرج على المعاش تاركا لنا أجمل الذكريات.. ذكريات روح المحبة و روح القانون..

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.