خالد ضيف الله القادري الزهراني
الوفاء من شيم النفوس الشريفة والأخلاق الكريمة، ومهما كان العمر يبقى الأخ الكبير هو الأب الثاني لإخوانه والسند والأمان بعد الله، وليس هناك حب أجمل من حب المرء لأخيه، وكيف لا أحبه؟، ورب الكون قال فيه مخاطباً موسى -عليه السلام-: ‘”سنشد عضدك بأخيك”.
وقد شهدت مؤخراً موقفا يتجلى فيه الوفاء في أنصع صوره، والمشاركة الوجدانية في أعمق معانيها، حيث تم الاحتفاء بشقيقي جارالله بن ضيف الله القادري الزهراني من قبل عائلة القادري في ليلة تميزت بالجمال وتلألأت بأضواء المحبة والوفاء بحضور عدد من المسؤولين من أصحاب المعالي والسعادة، والمشايخ والأعيان وبعض الأهالي من قبيلة بني حسن وقرية العصداء خاصة، جاءوا ليرْوُوا حباً عميقاً سكن صدورهم، حُباً يبهج الخواطر ويسعد القلوب، ترفرف له الجوانحُ، وتشرئبُّ إليه الأعناقُ وتمتد نحوه الأنظارُ وتعلو الهاماتُ، ولسانُ حالهم يقول:
(ولو انني أوتيتُ كل بلاغة … وأفنيتُ بحر النطق في النظم والنثر.
لما كنتُ بعد القول إلا مُقصِّراً … ومعترفاً بالعجز عن واجب الشكر).
ذلك المشهد الإنساني ممن حضروا ذلك الاحتفاء، قدّم سيمفونية بألحان الوفاء وأنغام الإخاء، وتراتيل العطاء، وقد انتثرت تلك المشاعر الفياضة على مساحات المكان مُعبِّقةً إياه بسمو المعاني وجلالها، نابضة بكثير من المدلولات ذات الأبعاد الإنسانية السامقة التي لا نستغربها من أبناء مجتمع أدركوا دلالات وشائج القربى والعلاقات الإنسانية النقية بكل ما تكتنزه من ثنائيات: السمو والنقاء، والحب والوفاء، والنبل والعطاء.
وإن كنت أفخر بهذا المزيج المتألق المضمَّخ برواد الشعر والأدب ممن حضروا المناسبة، فما ذلك إلا ليقيني بمنزلة شقيقي في قلوب محبيه بعد أن سبقته سيرته في كل مكان، فكان نعم الأخُ والموجِّه الناصحُ والمعينُ بعد الله، وكان نِعمَ من أحب الناس فأحبوه وأحاطوه بهذه الفسيفساء المنمَّقة التي تزينت بألوان الأنساق الإنسانية الخالدة في ذاكرتنا الجمعية.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله واصفًا الأخوة الحقيقية:
أُحبُّ من الإخوان كلَّ مُواتي… وكلَّ غضيضِ الطرفِ عن عَثراتي
يُوافقني في كلِّ أمر أريدُه… ويحفظني حياً وبعد مماتي
فمن لي بهذا ليت أنِّي أصبتُه… لقاسمتُه ما لي من الحَسنات
تصفَّحتُ إخواني فكان أقلُّهم… على كثرةِ الإخوانِ أهلُ ثقاتي..
أخي الحبيب: ما أنت إلا نعمة تعجز منظومة كلماتي عن وصفها، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.