صموئيل نبيل أديب/ مستشار إعلامي
تجري امرأة في مسلسل مصري قديم صارخة يا خراشي.. في إشارة الى وقوع مصيبة لها…
ما لا يعرفه الجيل الجديد أن “خراشي” ليست كلمة وإنما اسم… اسم أول شيخ للأزهر الشريف.. الذي يعتبر أحد كبار العلماء المسلمين،” أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن علي الخرشي المالكي” ،ونطقها العامة وبعض المؤرخين في مصر “الخراشي”، نسبة إلى قريته أبو خراش، بمحافظة البحيرة…
الشيخ محمد الخرشي كان معروفا بنصرته للحق وقوة كلمته، وأن الكثيرين كانوا يستغيثون به لنصرتهم ونجدتهم من تعنت كبار الموظفين وقت أن كانت مصر ولاية عثمانية، ووصل الأمر إلى أن صارت استغاثة “يا خراشي” هي النداء الشعبي لشيخ الأزهر كي ينصرهم على الظلم الواقع عليهم.
…
للأسف لم يذكر التاريخ كيف نصر الشيخ المظلومين.. ولا كيف ساعدهم حتى يظل اسمه منتشرا بعد قرون كعلامة على الرجولة الحقة… كم أتمنى لو ذكرت الكتب ماذا كان يفعل إذا ما صرخت سيدة مثل عروس الإسماعيلية ( يتيمة الأب.) عندما ضربها زوجها( وهو ابن عمها بالمناسبة ) في ليلة زواجها في الشارع أمام محل الكوافير … ضربا أبكىَ كل من شاهده و أخاف كل من سمع…
ماذا كان سيفعل خراشي؟… هل كان سيذهب بنفسه إليها و يأخذها معه إلى” بيت” لكي تعيش معززة مكرمة بعيدا عن الإهانة،
ليكون هو والدها بعد أن توفي والدها….؟، هل كان سيرفع قضية على الزوج.. حتى يصير عبره لكل من فقد الرجولة الحقه..؟
ماذا كان سيفعل خراشي في مواجهة رجل قتل ابنة زوجته ذات أربع سنوات بعد أن حبسها في غرفة بمفردها ثلاثة أيام بلا طعام ولا شراب…؟ هل سيقف خراشي في ميدان عام يطالب بإعدامه جزاء بما اقترفته من قتل طفلة لم تعرف من الدنيا سوى الألم…؟ أم كان سيقدم للزوجة ( الفقيرة بائعة الخضار بالشوارع) دعما ماديا و مرتبا شهريا يغنيها عن السؤال فيكفي الأم آلام فقد طفلتها…
حقيقة لا أعرف ماذا كان خراشي يفعل… وكم أتمنى أن يقوم من موته ليقول لنا كيف و ماذا نفعل… لكن بالحقيقة نكتشف أن الفرق بينا وبينه إنه قدم مساندة للمظلومين و الضعفاء تجاوزت مرحلة الكلمات إلى مرحلة الفعل….
فمن شاهد فيديو الضرب أدان الزوج و لكنه لم يقدم أي مساعدة مادية الفتاة لكي تستطيع أن تستقل بذاتها بعيدا عنهم…
و من طالب بإعدام الزوج الذي قتل طفلة ذات أربعة سنوات… لم يقدم مرتباً إلى الأم لكي تعيش منه بعيدا عن الشارع الذي ستعود له تبيع في الخضار وحيده منكسرة بلا ابنة ولاسكن لتقع بالتأكيد تحت قسوة الشارع.. …
الفرق بيننا و بين خراشي انه كان ينصر المظلوم بالفعل.. بينما نكتفي نحن بالكلام….
عزيزي القارئ.
.انصر المظلوم بالفعل…لا تسمح بضرب امرأة.. ربِّ ابنك على احترامهن .. ساعد دور الأيتام حتى لو بثمن فرخة … اعطِ بقشيشا بزيادة لصغار العمال…. فالحياة قاسية ونحن قد فشلنا في تطبيق أبسط متطلبات الدين و الإنسانية ..
الرحمة التي هي اسم ” الرحمن”.