طارق يسن الطاهر
الثوب هو ما يُلبس ، ويقال: رجل طاهر الأثواب، أي بريء من العيب ، وجمعه ثياب وأثواب . المعجم الوسيط ط 4
ولها معاني أخرى، منها القلب والنفس وغير ذلك ، ستتضح لنا من خلال الأمثلة التالية:
قال عنترة:
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
ليس الكريم عن القنا بمحرم
شرح بعض الأدباء كلمة “ثيابه” في بيت عنترة على أنها القلب :
فشككت ثيابه أي طعنت قلبه
وكذلك شرحوا قول امرئ القيس :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابـــــــــك تنسل
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل أي قلبي من قلبك
ومنهم من فسر كلمة “ثيابك” بمعنى قلبك، في قوله تعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم : ” وثيابك فطهر” المدثر 4
ومنهم من حمل ذلك على الثياب الملبوسة ،وعدّوه استخداما بلاغيا، ومنهم من فسرها تفسيرات مختلفة تأتي فيما يلي:
روي عن ابن عباس : أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية : ( وثيابك فطهر ) قال : أي لا تلبسها على معصية ولا على غدرة . ثم قال : أمَا سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
وروي عن عطاء ، عن ابن عباس قوله عن ( وثيابك فطهر ) قال في كلام العرب : نقيّ الثياب . وفي رواية أخرى معناها : فطهر من الذنوب .
قال محمد بن سيرين : ( وثيابك فطهر ) أي : اغسلها بالماء .
وقيل أيضا : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره الله أن يتطهر ، وأن يطهر ثيابه .
وهذا القول اختاره ابن جرير ، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب ، فإن العرب تطلق الثياب عليه ، كما أوردتُ في بيتي امرئ القيس وعنترة أعلاه.
وقال سعيد بن جبير : ( وثيابك فطهر ) أي وقلبك ونيتك فطهر .
وعليه شُرِح بيت أبي تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي :
مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة
غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
وقيل أيضا : طهر ثيابك من النجاسات ودينك من المعاصي والمخالفات وتوحيدك من الشركيات ؛ لتكون نقيا من كل عيب وذنب.
إذن قوله تعالى (وثيابك فطهر) تحتمل الطهارة الحسية من كل ما هو نجس ، وطهارة المعنى والأخلاق والعفاف.
والله أعلم