افشوا الجمال بيننا !
بقلم :بهيرة الحلبي
يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي : من لم يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره فهو فاسد المزاج وليس له علاج ..ويقول الكاتب الفرنسي الساخر فولتير: الجمال يروق العينين ، والرقة تسحر النفس . “. نعم إن الجمال هو الحاجة العليا للإنسان ، فمن منا لا يبحث عن الجمال في شقيه الحسي والمادي ، ومن منا لا يعجب بسحر الطبيعة والهواء العليل ، أناقة الأزياء والذوق الرفيع ، جمال الروح وسمو الأخلاق ، كمال الأجسام ولياقة الأبدان ، روعة الشعر وتحفة الفنان .
هكذا هي الحياة لا تحلو إلا في حرم الجمال ولا تزهو إلا باكتمال الصورة ، فلا استقامة مع الفوضى ، ولا ابداع في بيئة تعج بالصخب والاقتتال ، ولا تربية فاضلة في بيت انهارت فيه القيم والمبادئ ، ولا تنمية اقتصادية في غياب البناء والتخطيط السليم . أليس من يفتعل الأزمات وينتقد المنجزات هو يضلل المجتمع ويشوه الحقائق ، أليس من يرفع صوته ويتنمر على الناس يغتال لغة التفاهم ويشوه أدب الحوار ، أليس من يعلق أسلاك الدوشات وخراطيم المكيفات على جدران عمارته هو يخالف برامج الدولة في جودة الحياة ، ويشوه المشهد الحضاري للمدن , أليس كل من يهمل نظافته الشخصية ويتجاهل رائحة عرق إبطيه ، هو يزعج الآخرين ويفسد هواء التنفس ، أليس كل من ينتهك قانون السير يتسبب في حوادث الطرق ويشوه نظام النقل والمرور ، أليس من يقتلع الأشجار بغرض احلال الهياكل الاسمنتية هو يلوث البيئة ويشوه جمال المسطحات الخضراء ، أليس كل من يرمي مخلفاته عشوائياً في الحدائق والمتنزهات هو يعبث بالممتلكات العامة ويشوه في منظرها الجمالي ، أليس من ينتج مسلسلات فنية لا يلامس واقعنا وأناسه لا يشبهوننا ، هو يتعدى على هذه الصناعة ويشوه معايير الجمال فيها ، أليست أغاني الإسفاف والابتذال هي التي تلوث السمع وتهبط بالفن الراقي والطرب الأصيل ؟!.
يقول جلال الدين الرومي :” العطر يبقى دائماً في اليد التي تعطي الورد “. دعونا نحارب القبح ونفشي الجمال ، دعونا ننجز أعمالنا بحيث لا تشوبها شائبة ، دعونا نسمعهم فناً عظيماً علها تغسل ما علق بآذانهم من دنس وشوائب ، دعونا نحب أوطاننا كما يليق بها وتستحق ، دعونا نلهث وراء الجمال أنىّ توجهت مراكبه ، فإن الله جميل يحب الجمال !