الرياض – عبد الله الينبعاوي
أقام المكتب الثقافي المصري بالرياض، ندوة ثقافية حول “أدب الطفل في الثقافة العربية”، برعاية سعادة السفير /أحمد فاروق سفير جمهورية مصر العربية بالمملكة العربية السعودية، وحضور سعادة القنصل العام السيد/ طارق المليجي قنصل مصر العام بالمملكة، وإشراف الأستاذ/ الدكتور عمرو عمران الملحق الثقافي ورئيس البعثة التعليمية المصرية بالسعودية، وشارك في هذه الندوة التي أدارها الشاعر والكاتب الصحفي السيد الجزايرلي، الأكاديمي السعودي الدكتور أحمد بن موسى معيدي أستاذ الإعلام والاتصال الجماهيري بجامعة الملك سعود، والأديب الأردني المتخصص في أدب الأطفال الكاتب محمد عيسى صوانة، وقد
بدأت الندوة بكلمة ترحيبية للدكتور عمرو عمران أشار فيها إلى أن المكتب الثقافي المصري بالرياض يطرح من خلال هذه الندوة موضوعا بالغ الأهمية لأنه يتعلق بأبنائنا من الأطفال العرب في كل مكان وفي المراحل العمرية المختلفة، وقال الدكتور عمرو عمران إن هذه الندوة تُعد امتداداً لمجمل الأنشطة الثقافية المتميزة التي أقامها المكتب خلال موسمه الثقافي لعام 2021م، وهي تعكس حرصنا على التنويع في الأنشطة الثقافية والشخصيات الأكاديمية والأدبية البارزة التي نستضيفها للمشاركة في الفعاليات، سواء من المبدعين المصريين أو من الأشقاء السعوديين والعرب، حتى تكون الأنشطة التي نقيمها ذات مردود ثقافي رفيع المستوى، وتحقق أعلى درجات الفائدة الثقافية، وتُسهم في بناء جسور الحوار المشترك، وتعميق العلاقات الأخوية بين المصريين وأشقائهم العرب من كل مكان. مشيراً إلى أن الكثير من الندوات تناقش أدب الأطفال من الزاوية الإبداعية فقط، ولكن المميز في هذه الندوة أنها تعالج الموضوع من زاوية مختلفة، وتلقي الضوء على واقع التوظيف الإعلامي لأدب الأطفال في وسائل الإعلام وصناعة النشر بشكل عام، وهذا الاختلاف في زاوية الطرح أحد الجوانب التي تميز أنشطة المكتب الثقافي المصري بالرياض.
من جانبه؛ أكد الأكاديمي السعودي الدكتور أحمد موسى معيدي أن وسائل الإعلام التقليدية العربية فقدت الكثير من زخم تأثيرها على الجمهور الصغير لعدة أسباب من أبرزها ضعف المحتوى المقيد بسطحية الطرح، وقِدم الأفكار، وصعوبة اللغة، وتغييب عناصر التفاعل الذي يلبي احتياجات الأطفال في مقابل قوة وسطوة الإعلام الجديد الذي عززته التقنية المشبعة بالإبهار والتجدد وتغليب الأدوات التفاعلية، موضحاً أن أدوات الإعلام الجديد أتاحت بعض الإيجابيات المتعلقة بأدب الطفل العربي، ومن أبرز تلك الإيجابيات توفير المعلومات والإحصائيات والمراجع وقنوات التواصل وسهولة التصميم وتوفير البرامج المساعدة وسهولة تخزين وأرشفة المحتويات واستعادتها، وتطوير اللغة الإعلامية الأدبية البعيدة عن الإسهاب الممل، وتعويض التفاصيل بتقنية العروض والمؤثرات التقنية التي فتحت آفاقا متعددة للإنتاج والنشر الأدبي.
وحول سلبيات أدوات الإعلام الجديد في المحتوى المقدم للطفل العربي، أشار الدكتور معيدي إلى أن أبرز هذه السلبيات يتمثل في غياب فلترة ما يقدم من أعمال أدبية للأطفال، وقد أثر ذلك على المستوى السلوكي الناجم عن التقليد دون التقيد بالقيم والأخلاقيات الاجتماعية، وتراجع مستوى اللغة العربية كتابة ونطقا، وتكريس العامية تحت مسمى اللغة البيضاء، وانتشار الكتابات التي تخاطب الغرائز لا العقول، والعزوف عن القراءة والكتابة والاكتفاء بالمشاهدة أو الحديث الشفهي، بالإضافة إلى تشبع محتوى الأدب العربي بمفردات لغة العولمة القادمة من الثقافة الغربية.
وفي ختام كلمته طالب الدكتور أحمد معيدي بتطوير البنية الإعلامية في مجالات الإنتاج المتعلق بالطفل العربي، وتعزيز واقع الثقافة العربية والكتابات الأدبية في البرامج والإصدارات، ودعم وتطوير المهارات البشرية في مجال الكتابة الأدبية للأطفال، والاستفادة الواقعية من التقدم التقني الغربي لإبراز الموروث العربي، وإلزام وسائل الإعلام العربية بتقديم منتجات متخصصة لبناء شخصية الطفل العربي وحمايته من الأفكار والتيارات المتطرفة.
وحول الجانب المتصل بصناعة النشر وجماليات المنتج الأدبي المقدم للطفل العربي؛ تحدث الكاتب والأديب الأردني محمد عيسى صوانة عن أبرز المقومات الأساسية الفنية في إخراج قصص الأطفال وتصميمها وطباعتها، من حيث الشكل، والرسومات، والألوان والخطوط المناسبة للفئة العمرية التي تستهدفها القصص، مؤكداً أن الأدب المكتوب للأطفال له أهمية كبرى في تشكيل عقولهم خلال المراحل الأولى من الطفولة، فهو يُسهم في بناء المفاهيم والقيم الأخلاقية والمهارية لدى الأطفال، وكذلك في معالجة المفاهيم والقيم السلبية التي يتوقع حدوثها خلال مرحلة الطفولة، وذلك من خلال القصص الهادفة المعدة بشكل علمي يراعي اهتمامات الطفل ورغباته وهواياته، مشيراً إلى أن الإبداع في القص الأدبي للأطفال يتطلب تجسيداً لحلم الطفولة بما يجعله واقعاً جميلاً، ومن ثم تحويل قيم الحلم وجمالياته إلى سلوك، وفكر ناضج، ووعي سليم، وتلك عناصر ومقومات بناء شخصية الأطفال في ظل الثورة الرقمية التي نعيشها، ولذلك يجب أن يكون الإخراج الفني لقصص الأطفال محققًا لطموحاتهم، وجاذبًا لهم لمواصلة القراءة.