م/ محيي الدين بن يحيى حكمي*
نشرت بعض الصحف المحلية أمس خبراً عن استضافة جمعية البر بجدة لإحدى الأسر المسجلة في برنامج التأهيل والتمكين الذي تقدِّمه الجمعية للأسر المحتاجة والأيتام وغيرهم من محدودي الدخل.
ولم يكن الغرضُ من الخبر صناعة (بروبجندا) إعلامية لأنشطة وبرامج الجمعية التي لا تخفى على أحد، والتي يتم تقديمها ضمن منظومة العطاء الاجتماعي في ظلِّ حزمة من الأهداف الاستراتيجية للجمعية المواكبة لرؤية الدولة التنموية.
لقد كان الهدف من نشر الخبر هو استنهاض همم المعنيين في القطاع الخاص للقيام بدورهم في تمكين تلك الأسر البسيطة سواء عبر برامج التدريب أو التوظيف أو حتى تقديم الإعانات لمن تفرَّقت بهم سبل الحياة من تلك الشرائح المجتمعية البسيطة ممن هم في أمسِّ الحاجة لمد يد العون والمساعدة والتمكين لهم ليكونوا لَبَنات صالحة في البناء التنموي الكبير.
إن مشاريع الأسر المنتجة تواجه تحديات عديدة تقف عائقاً في تحقيق الاكتفاء من بيع المنتجات التقليدية في ظل غياب الخبرة التسويقية ونقص التدريب لدى بعض الأسر وضيق المساحات الممنوحة لهم في الأسواق التجارية ومحدودية الوقت المحدد لهم، ناهيك عن تحرُّج البعض الآخر من الخوض في غمار هذه التجارب ، مما يحتم على القطاع الخاص الاضطلاع بمسؤولياته الاجتماعية ليمارس دوره كشريك استراتيجي في مسيرة التنمية المستدامة.
وكم نتمنى أن يتصدى هذا القطاع لأدواره الحقيقية إزاء تلك الفئات من خلال التدريب المنتهي بالتوظيف أو تخصيص جزء بسيط من أرباحه لتنمية مشاريع تلك الأسر عبر إقامة دورات وورش عمل توعوية لهم يتعرفون من خلالها على الوسائل الصحيحة في التسويق، بما يعود عليهم بالخير العميم.
لقد وضعتْ رؤية المملكة تعزيز جودة الحياة لأفراد الأسرة ضمن مستهدفاتها الرئيسية المنطلقة من حزمة من المُمَكِّنات والمحاور والتي برز من بينها محور المجتمع الحيوي، الأمر الذي يُلقي على عاتق قطاع الأعمال مسؤولية كبيرة في المشاركة في تحقيق هذه المستهدفات، وتقديم تسهيلاته المباشرة لتلك الفئات سواء من خلال تقديم أسعار تنافسية للمواد الخام، أو تخصيص أماكن في مراكز التسوق لعرض المنتجات المنزلية بشكل دائم لتكون منصة تلتقي فيها تلك الأسر ويمارسون من خلالها نشاطهم بيسر وسهولة، أو من خلال تقديم البرامج التدريبية المنتهية بالتوظيف.
ولعل وجود قاعدة بيانات عن تلك الفئات المجتمعية، يتداولها المعنيون في قطاع الاعمال بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هو إحدى وسائل تيسير التأهيل والتدريب ومن ثمَّ التوظيف والتمكين لتلك الفئات.
إنه نداءٌ نوجِّهه للقطاع الخاص الذي تصدَّى بعضه لتلك المسؤوليات الأخلاقية، بينما بقي البعض الآخر بمنأى عن تلك المهام التي تشكل قيمة مضافة في منظومتنا المجتمعية، خاصة عندما تُوجَّه لفئات الأرامل والأيتام وأسر السجناء وغيرهم من محدودي الدخل، بما يساهم في تعزيز الإيجابية وبناء المواطنة الصالحة، وتعظيم الأثر الاجتماعي في بناء وطن مستقر، متوازن ومتكاتف، في ظل ما تشهده مختلف القطاعات من دعم متواصل يعزز قيم العمل الإنساني خاصة في ظل الجوائح التي يشهدها العالم كله اليوم.
إننا نؤمن أن قطاع الأعمال هو رافعة تنموية مهمة للاقتصاد الوطني من خلال دوره الطبيعي في تمكين مختلف شرائح المجتمع، الأمر الذي يحتم رفع كفاءة أدائه وتفعيل دوره المجتمعي النابض بمعاني العطاء والانجاز التنموي.
فهل نجد التفاعل المأمول من هذا القطاع؟.. ذلك ما نرجوه ونأمله.. والله الموفّق.
*الرئيس التنفيذي لجمعية البر بجدة