عبدالله الينبعاوي _جدة:
بالشراكة مع CCC (تعاون المجتمع الإبداعي) التابع لـ مجموعة ام بي سي تي في، يطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي برنامج أيام المواهب الخاص به (13-12 ديسمبر) الذي يستهدف هواة وصانعي الأفلام الصاعدين المحليين. يتطلّع البرنامج لتقديم ورش عمل وندوات تتراوح مواضيعها بين الإنتاج والتمويل مرورًا بماضي وحاضر ومستقبل مشهد التوزيع في مرحلة ما بعد الوباء العالمي، محتضنًا كل هذه “التحوّلات” بصفتها الفكرة الرئيسية للمهرجان، كما يحتضن تطلعات المواهب الشابة، ويعرّضها لخبراء محليين وإقليميين ودوليين رائدين، ليأخذهم في رحلة مثيرة بين عوالم السينما.
ينطلق البرنامج بورشة عمل بعنوان “صناعة الأفلام + حلبة السينما الدولية” بتقديم المستشار العالمي سيندي ليفين؛ الذي سيوضح كيفية عمل الجانب التجاري من صناعة الأفلام وما الذي يجعل صناعة الأفلام فناً عامًا، في عرضةٍ للازدهار تجاريا. ثم ينتقل الى موضوع -شديد الأهمّية- ليس فقط في عالم السينما، ولكن في عالم الفن بشكل عام، وهو “النقد السينمائي: كيف تنتقد، وكيف تكون تتلقّى”، يقوم عليه كلًّ من الناقدين السينمائيين؛ فهد الأسطاء، وخالد ربيع، حيث يقدمان جلسة شاملة حول العملية الدقيقة للنقد السينمائي من جانب الناقد والمتلقي. ثم ينتقل البرنامج لورشة العمل الأخيرة في اليوم الثاني وهي الأكثر تقانةً -وربما الأكثر إلحاحًا- وهي: “ألف باء المونتاج”. حيث يقوم كلاً من المحرّرين؛ نادية تجوير، وصحبي كرام، بإعادة تتبع سيرورة العمل في مرحلة ما بعد المونتاج واحتياجاته ومتطلباته ومعاييره المختلفة، باعتباره أحد أصعب مراحل عملية صناعة الأفلام، ولكن -في نفس الوقت-؛ أقلّه اهتمامًا.
تبدأ الندوات بـ “فن السرد في الفيلم الوثائقي”. وتضم هذه الندوة تشكيلة متنوّعة من صانعي الأفلام، وساردي القصص الحقيقية بطرق نموذجية ذات خصوصية متفرّدة. من الشخصية العميقة إلى المراقبة البحتة، توضح أفلامهم أنه بينما يعني مصطلح “وثائقي” هو رفض أن يعني شيئًا متسقًا، فإن أصالته، المتجسّدة في رؤية صانعه، هي ما يجعله شكلاً فنياً لا يمكن للكاميرا وحدها أن تحل محله. وعلى هامش تفكيك المصطلحات الأساسية للأفلام، تحرص الندوة على طرح أسئلة من قبيل: “ما هي سينما الأرت هاوس؟ ما هو الفيلم المستقل؟ كيف يتم توزيع أفلام الأرت هاوس؟”، حيث تهدف الندوة التي تحمل عنوان “الآرت هاوس والسينما الدولية” إلى توضيح العلاقة بين السينما الفنية وصناعة السينما الدولية، والمتحدثون هم من أصحاب صالات عرض سينما الأرت هاوس في دبي والخرطوم وبيروت، ويتطلّعون لتسليط الضوء على العلاقة بين السينما الفنية والمعارض الدولية والتوزيع، ضمن السياق المحلي والإقليمي.
يستمر الحديث عن التوزيع، بتركيز خاص على كتابة النصوص، في الندوة التي يقدّمها القائمون على شركة تلفاز١١ وهي بعنوان: “الكتابة للتلفزيون والإنترنت والسينما”. نطرح هذه الأسئلة بهدف اكتشاف اختلاف طريقة الكتابة، باختلاف منصّات العرض. على سبيل المثال، ما الذي يميز مسلسل الويب عن المسلسل التلفزيوني؟ كيف تختلف بنية النصّ في اليوتيوب عن الفيلم القصير؟ سنستمع إلى تجارب مباشرة من الخبراء فيما يتعلق بكيفية تنقلهم عبر النُّسق المختلفة – وكيف تتكيف عملية الكتابة الخاصة بهم مع منصة المعرض. هذه المحادثة ذات صلة ببيئتنا الرقمية المتزايدة عبر هذا المنعطف التاريخي (ظهور السينما) – وهي مناسبة أيضا لنقاش دولي أوسع حول مستقبل البث والتوزيع بعد كوفيد- ١٩.
عبر التحول الحالي في النموذج و من خلال إلقاء نظرة على مستقبل منصات المعارض، تعيدنا اخر ندوة الى ماضٍ قريب، في العام 2008 عندما لم يكن هناك إنتاج محلي او عام للأفلام، متى تأسست مجموعة تلاشي للأفلام، التي جمعت 9 من المهنيين الشباب في منتصف العشرينات من العمر معاً، لإنتاج أفلام قصيرة بهدف عرضها في مهرجانات الأفلام في البلدان المجاورة، قبل عقد من افتتاح دور السينما في المملكة العربية السعودية. حيث أنتجت مجموعة تلاشي العديد من الأفلام، ومنها فيلم (شروق/غروب 2009). وبينما أصبح معظم أعضاء مجموعة تلاشي من المخرجين والمنتجين والكُتّاب والمختصّين بحلول الآن، فإنهم يتطلّعون لمشاركتنا تجربتهم عن تحديات صناعة الأفلام حين لم تكن ثمة صناعة، ولا ومناخ مناسب أو بنية تحتية لائقة، مما يمنحهم مكانة خاصة حول كيفية الاستفادة من الدعم الحديث، بهدف خلق صناعة مزدهرة.
الهدف من هذه الندوات هو ربط أساسيات الأفلام بفكرة التغيّرات والتحوّلات. ذلك أن برنامج “أيام المواهب” يسعى لتوضيح بعض المفاهيم الخاطئة حول صناعة الأفلام، من خلال نظرة متعمقة تنتقل بين الماضي القريب مرورًا بالحاضر، وانتهاءً بالمستقبل، عن تاريخ صناعة السينما المحلية. بجانب زمرة من الخبراء المحليين والاقليميين الذين يشاركوننا تجربتهم الثريّة في كيفية المشاركة في بناء وخلق صناعة سينمائية، كما نستشير أيضًا خبراء دوليين مثل كلود موريراس، لنسأل على سبيل المثال: ” هل يمكن لمدارس السينما السعودية أن تتبع النموذج الفرنسي؟” وبينما نحتضن ندوات أخرى مع نجوم آخرين، من بينهم؛ هاني أبو أسعد، وشيرين دعيبس، ومريس كيسير، ومحمد الدراجي، بتقديم إم بي سي، حيث تركز على تبعات البث عبر الانترنت ضمن عصر صناعة الترفيه، وكيف بدأت تنطمس الحدود الفاصلة بين “المنطقة الإقليمية” و”المنطقة العالمية”.
وفي جانب آخر، تقدم أكاديمية إم بي سي محاضرة: “تمثيل+ توزيع الأدوار” من المخرج المسرحي والممثل الحائز على جوائز أسامة القس، تركز هذه المحاضرة الفنّية، على فن تجسيد الشخصية من النص، وعرضها على الشاشة. ومن خلال خبرة القسّ في المسرح والتلفزيون والسينما؛ سيسلط الضوء أيضًا على أهمية توزيع الأدوار، بصفته الأمر الذي يمكن أن يصنع او يهدم فيلمًا بسهولة. كما تقدّم إثراء محاضرة بعنوان: “تقنيات تقديم القصة”، عبر فيليب غونز وسايمون بينسون، حيث نستكشف من خلالهم كيف تطورت الروايات إلى نماذج آسرة وجاذبة للجماهير، وحدثًا فارقًا -ربما- في كيفية تفاعلهم مع بعضهم البعض.
يقدّم برنامج “أيّام المواهب” أيضا عرضاً خاصاً لفيلم مدينة الملاهي، من إخراج وائل أبو منصور، متبوع بمناقشة وفقرة للأسئلة يديرها الناقد خالد ربيع.
وأخيرًا وليس آخرًا، يقدّم البرنامج جلسات للتواصل عبر يومين كاملين، مما يمنح الناس فرصة للتواصل مع المشاركين. حيث يحتضن اليوم الأول خمسة مواضيع تتراوح من “الملكية الفكرية” إلى “الكتابة الساخرة”، بينما يحتضن اليوم الثاني مواضيعًا من قبيل: “ما الذي يجعل القصة جيدة؟” بالإضافة إلى: “معضلة المخرج”.
على مدار يومين كاملين، سيقدم ستة عارضين منهم إم بي سي، وتلفاز١١، وإن ستارز، وجامعة عفت، والهيئة السعودية للملكية الفكرية، وماد سيليبرتي، أنشطة في منطقة السوق. تتراوح بين تجارب أداء حية، إلى رسوم متحركة حية، تتخلّلها جلسات تصوير. إذ يتطلّع برنامج “أيام المواهب” بشكل أساسي إلى تحويل منطقة السوق إلى مساحة للاستكشاف والإبداع، جنبًا إلى خدمات العارضين؛ التي تتراوح بين إنتاج الأفلام، والتوزيع، والتعليم، والقانون.