كنانة ربيع دحلان*
جاء إطلاق أرامكو بحضور سمو وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان لأعمال المرحلة الأولى من حقل (الجافورة) للغاز غير التقليدي بالخليج العربي ليُؤكدَ حجمَ التمكين والاهتمام الذي تحظى به شركاتُ الموارد الهيدروكربونية – مثل أرامكو- من الدولة ومن وزارة الطاقة، بما يساهم بقوة في دعم وتحفيز التنمية الصناعية، حيث يشكّل المشروع – كما أعلن سموه- عنصرًا أساسًا في توجُّه الشركة نحو الحياد الصفري وتعزيز الاستدامة بمواصلة التركيز على إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، والمساعدة على تقليل الانبعاثات في قطاع الطاقة المحلي من خلال توفير بديل أنظف للوقود السائل.
لقد شكَّل إطلاق هذا الحقل حدثاً هاماً في صناعة الطاقة، يُمثِّل لحظة تاريخية وإنجازًا ضخمًا سيتحقق من خلاله جدوى تجارية كبيرة للموارد غير التقليدية الضخمة في المملكة، من خلال تطوير أعمال الغاز الصخري (غير التقليدي)، بما يحقق الهدف الاستراتيجي من إطلاق برنامج الموارد غير التقليدية المتمثل في استخدام الغاز الطبيعي بديلًا عن حرق النفط الخام، وذلك يعني توفير المزيد من النفط للتصدير وزيادة العائد منه.
وكم لفت انتباهنا تلكم المعلومات الرقمية المعلنة عن حقل الجافورة للغاز غير التقليدي والذي يُعد الأكبر في المملكة، من حيث حجم المخزون والمساحة، إذ تبلغ مساحته 17000كم2 بينما يبلغ مخزون الغاز فيه أكثر من 200 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام الرطِب، الذي يحتوي على الإيثان، وسوائل الغاز، والمكثفات، ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعي من حقل الجافورة مع نهاية 2024، وأن يصل الإنتاج إلى ملياري قدم مكعبة قياسية في اليوم، من غاز البيع، عند اكتمال تطوير الحقل الذي سيعزز التنوع الاقتصادي لبلادنا لتصبح ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بعد أمريكا وروسيا بما يدعم مكانتها الرائدة في قطاع الطاقة العالمي، ويضاعف ثقلها وتأثيرها في استقرار أسواقها.
لقد جسَّد تدشين هذا الحقل الذي سيوفر مشروعه نحو 200 ألف وظيفة، فاعليةَ الإصلاحات الهيكلية والسياسات المالية والاقتصادية الرامية الى تعزيز واستدامة النمو الاقتصادي في بلادنا، من خلال تبنّي حزمة من السياسات الاقتصادية المتنوعة ورفع مستوى مساهمة القطاعات الاقتصادية (البديلة) في الناتج المحلي على المدى المتوسط والطويل، وتحسين القدرة التنافسية من خلال حزمة الإصلاحات الاقتصادية وهو الأمر الذي يؤكد أن برامج الرؤية التنموية بدأت تؤتي ثمارها خاصة في مجال استقطاب الاستثمارات، وتحفيز القطاع الخاص وارتفاع الإيرادات غير النفطية عبر توسيع القاعدة الاقتصادية.
إن ما يحظى به قطاع الطاقة من اهتمام في المملكة إنما يجسد حجم المساعي التي تبذلها الدولة لتنويع مصادر الدخل ضمن “رؤية 2030″، وتحقيق أكبر معدل نمو ممكن، من خلال التطوير والاستغلال الأمثل لموارد الدولة، وهو ما يشكل حلقة من منظومة التغييرات والإصلاحات المستمرة التي تتبناها الدولة، والتي جاء هذا الحقل كـ(العِقدِ الفريد) الذي يُزيِّن عُنقها.
* رئيس عمليات شركة إيدلمان في المملكة العربية السعودية- خبيرة التواصل الاستراتيجي