وَهَج

محمد الرياني

ماذا سيحدثُ لو أغلقْنا الطريقَ وافترشْنا الأرضَ نسكبُ عليها آهاتنا؟ ردتْ بذهول: أنتَ مجنون؛ أتريد أن ينبتَ الحُبُّ على رفاتِ المتعبين، ألا ترى هذه التي تتأوه من فرطِ الألمِ وأنتَ تتحدثُ عن العشق، وهذا الذي يتوكأ ويده تنتفضُ من براثنِ الوجعِ وأنتَ تحبُّ فتداركتُ؛ قلتُ لها: أمزح.. أمزح كررتُها بأسف، صدقيني لقد أخطأتُ، عميتْ عيني عندما رأيتُكِ، ضاعَ البياضُ الذي تتشبثينَ به داخلَ بياضِ الممرات، جلستْ على الأرضِ الملساءِ وقد أقفرَ المكان، قالتْ أنا أعتذر؛ هما اثنان مرَّا يحملان الألم، من حُسنِ حظِّكَ أنهما اثنان وبقيَ الممرُّ لي ولك، سألتْني ماذا تريد؟ شكوتُ الوجع، هذا الألمُ يتنقلُ مثل جرادٍ جائعٍ يريدُ أن يقتاتَ من أيِّ شيءٍ ومن أيِّ مكان؟ وضعتْ يدَها لأولِ وهلةٍ فسكنَ الألمُ ، قلتُ لها، دعينا نغادر الممرَّ ونسكبْ بقيةَ العبراتِ في ممرٍّ أوسع، قالت يكادُ الليلُ أن يقعَ في فخِّ النهار، ألا ترى النجومَ تغادرُ السماء، وبعضَ أصواتِ العصافيرِ يتسللُ في بقايا الظلام؟ هززتُ رأسي بأن نستعجلَ ونسرقَ من بداياتِ النهارِ ونضمها لليل، ضحكتْ باستخفاف: أنتَ متمردٌ على عقاربِ الوقت، تريدُ لليومِ أن تختلطَ ساعاتُه، نهضتُ وكأنَّ كلَّ الألمِ قد انفرطَ نحوَ أشعةِ الشمسِ لتذيبَه في الظهيرة، مرَّرَتْ يدها على رأسي وهي تودعني، قالت : دعِ الممراتِ للمُرْهَقين غيرك، إذا أردتَ أن تحبَّ فانتظرِ الليل ، هناكَ نجمٌ كبيرٌ يضيء السماء ، انظرْ إليه بعناية، في الصباحِ ستقولُ عندَ الإشراقِ : يُوجدُ نجمٌ كبيرٌ أخفتْه سطورُ الشمس، عليك الآنَ أن تُحبَّ بعيدًا عن الممراتِ، هناكَ مَن يتألمُ لم تَرَهُ بعد.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

[ شمس البردة ]

شعر/ منصور جبر ‏الله أكبر فاشهدوا الترديدا شمسٌ بمكة آذَنَتْ تجديدا والكونُ هَلَّلَ زاهيا مستبشرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.