بقلم / أحمد القارئ
انتشرت ثقافة تربية الحيوانات الأليفة والعناية بها في السنوات العشر الأخيرة بصورة واسعة، وأصبحت شعاراً للرفاهية والتباهي لدى الكثيرين، وتزامن معها انطلاق فرق تطوعية تحمل شعارات التبني والإطعام والإنقاذ، وسارعت إلى التقاط القطط من الطرقات والحدائق والمرافق العامة ومعالجتها وعرضها للتبني، مع مطالبات للجهات الخيرية بإنشاء مأوى لها وتأمين الطعام المجفف – الذي يفوق سعره سعر حليب الأطفال – ، والتكفل بالعلاج وشراء الأدوية باهظة الثمن لها ..
كل ذلك خطوات ميمونة ومباركة إذا احتسبوا الثواب وابتعدوا عن الظهور الإعلامي، ولكن من المهم جداً توعية الفرق التطوعية المتخصصة في رعاية الحيوانات الأليفة أو كما يحلو لهم تسميتها (Pets) بضرورة التفريق بين القطط المستوردة من بيئة مغايرة لبيئة البلد؛ وبين القطط البلدية من حيث الطبيعة والمناخ والغذاء.
فليس يعقل أن نلتقط جميع القطط (الشوارعية) بعُجَرها وبُجَرها من بيئتها الطبيعية التي تعيش فيها آمنة مطمئنة إلى مأوى قفصي يشبه الزنزانة إلى حد كبير، وبذلك نحد من حريتها في التنقل والبحث عن طعامها، ونجبرها على ما لا تستسيغه كالأطعمة المجففة، ونحرمها من صغارها المختبئين في زاوية ما هنا وهناك ! ومن الهواء النقي الذي يزيد سعادتها، وضوء الشمس الذي يقوي مناعتها ، بدعوى الحرص والاهتمام و (الرفق بالحيوان)، ولو أمكنها أن تنطق لقالت : حلّوا عنا و دعونا ..
ما هكذا يا سعدُ تورد الإبل !
إن الله سبحانه وتعالى له حكمة في خلق الكائنات في العالم؛ إذ هيأ لكل بقعة مخلوقات تتكيف مع تضاريسها وطقسها ومواردها الغذائية، ففي الجبال الشاهقة تعيش الصقور والمعيز الجبلية، وفي الصحاري القاحلة نجد الإبل والزواحف، وفي الأماكن الجليدية هناك الدببة والبطاريق وغيرها من الكائنات المجهزة لتحمل ظروف تلك البقعة.
والقطط أيضاً منها ما خلقت للجبال، ومنها للقفار، وبعضها للثلوج، ونلاحظ ذلك في وفرة فرائها، وسعة عيونها، وطول قوائمها، ونمط غذائها، وسلوكها من خمول و فرط حركة، وهدوء وشراسة.
فلا يصح أن نلبس معطف الشتاء في عز الصيف، ولا نسير في الصحراء بلا زاد وماء .
إنها موازنة الله سبحانه للعالم ، أن يخلق المتضادات والمختلفات؛ الليل والنهار، والشمس والقمر، والظلام والنور، والذكر والأنثى، والحزن والفرح، والشقاء والسعادة.
والضدُ يظهر حسنَه الضدُ
و بضدها تتمايز الأشياءُ
ولعل الجهات المختصة في حماية البيئة تهتم بهذا الجانب وتبادر إلى احتواء الفرق التطوعية وإرشادهم من خلال دورات علمية وميدانية في ذات التخصص، حتى لا تُهدر في الميدان جهودهم وتمتليء بالقطط المشردة بيوتهم، وتكون كارثة على المجتمع من انتقال الأمراض من الحيوانات إلى الأطفال وذلك لقلة الوعي الصحي، والجهل بطرق العناية الصحيحة بهذه الكائنات الأليفة واللطيفة، مما ينتج عن ذلك حبسها أو رميها مرة أخرى في الشوارع لكن بحالة مزرية وقريبة من الموت.
ونذكر أنفسنا نحن مربي ومحبي القطط بأن امرأة دخلت النار في هرة ! حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.
✍🏽 أحمد القاري
المدينة المنورة
a.a.qari@hotmail.com