بقلم / خالد النويس
يحكى أن حاكما أسر لوزيره بأنه يعاني من الضيق والهم وكثرة التفكير وقلة النوم رغم أنه يملك معظم أسباب السعادة ، وعلى عكسه خادمه الذي يراه سعيدا مبتهجا لم يتعبه هم أو غم ويعيش يومه هانئا مرتاح البال ، فأشار له الوزير أن يجرب قاعدة 99 ، فتعجب الحاكم قائلا : وماهي قاعدة 99 ؟ فأجاب الوزير : ضع 99 دينارا في صرة وضعها على باب بيته واكتب عليها أن المئة دينار هي مكافأة له على عمله واجتهاده ، فلما جاء الليل وضعها عامل الحاكم ومضى ، فلما خرج الخادم أخذ الكيس ولما عد النقود وجدها تنقص دينارا واحد ، فقال في نفسه لعله سقط بالقرب من باب البيت ، فصار يبحث عنه مع أفراد عائلته طوال الليل دون جدوى ، فلما كان اليوم الثاني رآه الحاكم على غير عادته وهيئته ، فعرف ماذا كان يرمي إليه الوزير حينما أشار إلى قاعدة 99 .
الهدف من القصة أعلاه هو الرضا والقناعة واستشعار النعم التي نرفل فيها بفضل الله ورحمته ، فليس كل غني يعيش في سعادة وليس كل فقير ينام هانئ البال ، وليس كل شاب ينعم بالصحة كما أنه ليس كل صغير كامل العافية ، فلنحمد الله على ماوهبنا إياه من نعم وأهمها نعمة الأمن والصحة ، ولنعلم أن ماينقصنا ( حتى ولو كان أمرا ضروريا ) قد يكون خيرا لنا بعدم وجوده أو بتأخير الله له عنا ، ولننظر إلى مابين أيدينا ونترك مافي أيدي الناس ، فهي أرزاق مقسمة بين العباد من رب العباد .
وكثيرة هي الأمثلة على تقلب النعم ، فكم من عقيم حجب الله عنه نعمة الذرية وكم من غني ابتلاه الله بالفقر وكم من صحيح ذهب عنه العقل ، وكثرة النعم التي حبانا الله بها قد تجعل البعض يعتادها دون استدراك أنها قد تزول عنه بين ليلة وضحاها ، لذا كان لزاما علينا تذكرها والتذكير بها بين حين وآخر ، فهل حمدنا الله على مانحن فيه من نعم حرم منها غيرنا واستشعرنا مقولة : السعيد من وعظ بغيره ؟
الخاتمة :
من أوتي القناعة والرضا فقد أوتي خيرا كثيرا