عبدالعزيز عطيه العنزي: روافد
في البداية من هو مؤسس السلفية السرورية.؟
تأسس هذا التيار على يد وتنظير الشيخ محمد سرور زين العابدين – وهو سوري من حوران كان من الإخوان المسلمين وانشق عنهم لاحقاً – كان مدرسا في سوريا ثم تعاقد مع المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود حيث عمل في الأحساء والقصيم فدرس في المعهد العلمي ببريدة وعرف عنه نشاطه وتطلّعه. تعتبر السرورية فكر ومنهاج وتنظيم وقد اعترف محمد سرور بوجود تنظيم كان منشؤه في السعودية. انتشرت السرورية في بعض دول العالم كما ذكر سرور نفسه في برنامج مراجعات على قناة الحوار.
ماهي السلفية السرورية:
تعتبر السلفية السرورية نموذجا مثاليا لتطور وتشابك العلاقات داخل الحركات الإسلامية، كما يعد انعكاسا حقيقيا لتأثر الجماعات الإسلامية ببعضها، وقد نشأت السرورية بين تيارين أحدهما يتبنى الجانب الحركي ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين كجماعة سياسية سلطوية تجعل الجانب العلمي في مرحلة متأخرة عن الجانب الحركي وتقدم السياسة على الدعوة، وبين تيار السلفية العلمية الذي يستند إلى الجانب العقدي ويؤمن بأهمية تغليب الشرع على المصلحة أيا كانت، وفي الغالب لا يخرج هذا التيار عن طاعة الحاكم، فلا تجد له ذكرا في مغالبة الحكام في أمور السياسة، فهم يسيرون وفق منهج إسلامي يدعو إلى تقديم الكتاب والسنة، وفق سلف الأمة. بين هذين الاتجاهين، ظهر التيار السروري ليجمع بين الجانب الحركي لدى جماعة الإخوان المسلمين خاصة التيار القطبي الذي يعتبر سيد قطب منظّره وموجهه الأول، وبين السلفية العلمية المحافظة التي تتبنى منهج ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب.
ورغم نفي السرورية أنهم جماعة جديدة إلا أن هناك اعترافا من زين العابدين نفسه بذلك، كتبه بقلمه في مجلته «السنة»، العدد 29، ص «89»، بعنوان «الوحدة الإسلامية»، قال فيه: «ولا يحق لأي جماعة مهما كان منهجها سليما، الادعاء بأنها جماعة المسلمين، ولا يحق لأمير هذه الجماعة أن يطلب البيعة لنفسه كما كان يطلبها خلفاء المسلمين، ولكن يحق لهذا الأمير ومن حوله أن ينظموا أمورهم كمؤسسة دعوية تعمل من أجل أن يكون الدين كله لله في الأرض، ويقتضي هذا التنظيم أن يكون للمؤسسة رئيس، ونائب للرئيس، ومسئولون عن الأقسام والفروع، وأوامر تصدر فتطاع ؛ إلا ما كان مخالفا للكتاب والسنة». وهذا اعتراف من سرور بأنه أسس جماعة لها تنظيم وقيادة، رغم نفي أتباعه ذلك.
ومن أصول «السرورية»» تكفير حكام الدول العربية، وقد ألقى زين العابدين سرور محاضرة في أحد المراكز الإسلامية في إنجلترا عام 1996، صرح فيها بتكفير الملك فهد بن عبد العزيز والنظام السعودي. واشتهرت «السرورية» بالهجوم على العلماء، وقد هاجم سرور «هيئة كبار العلماء» بالمملكة السعودية في مجلة «السنة» بشكل ساخر، وقال في العدد 26 سنة 1992- 1413هـ، صفحة «2- 3»: «للعبودية طبقات هرمية اليوم، فالطبقة الأولى يتربَّع على عرشها رئيس الولايات المتحدة (جورج بوش)، وقد يكونه غدا (كلينتون)، والطبقة الثانية: هي طبقة الحكام في البلدان العربية، وهؤلاء يعتقدون أنّ نفعهم وضررهم بيد بوش، ولهذا فهم يحجُّون إليه، ويقدمون إليه النذور والقرابين، والطبقة الثالثة: حاشية حكام العرب من الوزراء، ووكلاء الوزراء، وقادة الجيش، والمستشارين؛ فهؤلاء ينافقون أسيادهم، ويُزَيِّنون لهم كلّ باطل، دون حياء ولا خجل ولا مروءة، والطبقة الرابعة والخامسة والسادسة: كبار الموظفين عند الوزراء، وهؤلاء يعلمون أنّ الشرط الأوّل من أجل أن يترفعوا، النفاق والذل وتنفيذ كلّ أمر يصدر إليهم…».
كما لعبت «السرورية» دورا بارزا فيما يسمى ثورات الربيع العربي، خاصة في دعم الثورة السورية، وتحول عدد كبير من أتباع السرورية للعمل مع الجماعات المسلحة، ووقّع عدد من رموز التيار السروري، منهم سلمان العودة، على البيان الختامي الذي عقده المجلس التنسيقي الإسلامي العالمي «مساع» تحت عنوان «موقف علماء الأمة تجاه القضية السورية»، ونص البيان الصادر في يونيو 2013 على «وجوب النفرة والجهاد لنصرة إخواننا في سوريا بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة، وما من شأنه إنقاذ الشعب السوري من قبضة القتل والإجرام للنظام الطائفي، ووجوب العمل على وحدة المسلمين عموما في مواجهة هذه الجرائم، واتخاذ الموقف الحازم الذي ينقذ الأمة وتبرأ به أمام الله الذمة، كل حسب استطاعته».
وقد استجاب الكثير من شباب التيار الإسلامي لهذا البيان، وتشكلت منهم أغلب الجماعات المسلحة المتصارعة في سوريا والعراق، ويسيطر «السرورية»، اليوم، على عدد كبير من المراكز والجمعيات الإسلامية، والقنوات الفضائية في الكثير من الدول الإسلامية.