أمنيات عابرة

بقلم/ د. أحمد محمود الرحل

أحداث تطاردني وتحرم عیني من سباتھا حیث المسئولیة تلقي بظلالھا على ما تبقى من ذكریات أحسبھا محفورة في ذاكرة الأیام.

لحظات ما زالت تردد أصداء الأمس بلا رفق وھیھات ھیھات أن أفلح في إقناعھا بعدم جدوى ذكرى الأمس.

لقد بت أنازعھا وأشرح لھا كیف أن الماضي لا یعني لي سوى خبرات مرت وتجارب عابرة بنیت منھا سلمًا لأطل بھ على المستقبل.

لا شيء یقنع ھذه الأوھام في نظري إلا قتل أبطالھا في ذاكرتي.

ھل ما زالوا أحیاء فیھا؟ تسألني نفسي كیف أرید القتل لھم؟ ھل لحظات من نسیان أم لحظات من سب وشتم ولعن لصفات أكرھھا وكرھتھا وسأكرھھا؟ لا شيء یفید صدقوني.

ھذه اللحظات مغروسة بشخوصھا في أعماق الذاكرة التي أستقي منھا فكري. لم أرغب یوماً في السب وفي الشتم ولكن! ھل أترك ھذا الوھم یسیطر على مستقبل عائلتي؟ ھل والدتي صاحبة القلب النیر وإن فقدت بصرھا ما زالت وستبقي تحمیني من حسد وحقد لا یفھمھما إلا ھي؟ إن حبك لي یا أمي یمنحني فوق القوة بأسًا لا یشبھه شيء! لا یدرك أحدٌ سر دعاءك لي في كل مھاتفة بیني وبینك! كم كنت سعیداً یا أمي حین سمعت بأذني صراخ أخي وھو یقول لك بأن دعاءك ھذا لا تقولینھ إلا لأحمد! أدرك أن دعاءك یا أمي لا یشبھه دعاء. أعلم والله یا أمي بأن قلبك الطاھر لا یكره ولكن درجات الحب تتفاوت فیھ! إن الشيء الذي بات یغذیني ویعینني في حیاتي ھو حبك لي. لم أشعر یوماً أصعب على قلبي من یوم فقدت بصرك آه آه یا أمي كم أتجرع ذلك ألماً.
لم تكتف یا أمي حتى قلت: أحب یا حبیبي أن آراك قبل أن أموت! وھل سیكون الموت أسرع أم رؤیتك؟ آه آه یا أمي.

الله أكبر من كل حلم یا أمي! لم أنس یوماً یا أمي بأن المرء یبتلى على قدر دینه.

دعاؤك یا أمي یمنحني القوة في وجه قلوب لم تنم إلا لتكره وتغدر وتحسد وتفرق … لا أحد ینكر یا أمي بأن الأیام تطل من فوق تلال مشرفة على خیر قادم، ھل سیكون المستقبل یا والدتي أفضل؟ الله الله یا أمي كم أسمع لحظات وداعك! عادت أوھامي لتذكرني بالماضي، بشخوص لا أذكر ملامحھا ولا حتى علاماتھا الممیزة.

لم تذكر ھذه الشخوص یوماً ما أرغب في شرحه ھل أبقى حبیس أدراج الماضي أم أبقي الماضي محبوساً في ذاكرتي؟ لا أعلم من منا ھو أسیر لدى الأخر، فإن كان الماضي ھو أسیر عندي فلقد أحب أن أنشر صدقي على شخوص لم تعھد غیر الكذب، أنشر عدلى في وجوه لم تعرف غیر الظلم، أبدى رأیي في حضور لا یعرف غیر التسلط والقھر، أبني صرحاً لأطل بھ على مملكة فاضلة یبنیھا أفلاطون بحكمته لیشاركه فیھا سینمار بھندسته ویمول مشروعھا ھارون ویحمیھا خالد ویدیرھا الفاروق ویقودھا محمد علیھ الصلاة والسلام. مدینة لا تعرف غیر الحق، لا ظلم فیھا لا ولا قھر! لا وقت یضیع بغیبة، ولا عیب فیھا یبدو للمرء، لا سم فیھا یتجرعھ الصادق لیقول الحق.

نامت عیون الظالم لكن عیون الخالق لا تعرف النوم وسنوات خزنت في الذاكرة تعود وتشحن بعد زمان لتحقق في الأرض العدل! ھل ھذا شعور في قلبي أم قلبي ھذا لم یشعر یوماً بالعدل؟ لا أكتب كلمات حتى أُقھر أو أبدوا ضعیفاً فالضعف بدیل في زمني أبداً للحكمة أو للفھم.

لا تشحذ أفكارك لتبرھن للعالم جدوى الحزن فشخوص تتقن مؤامرة ما ماتت یوماً ولا في الحلم. لا زمن یسترجع في ذاكرتي ھذه ولا ذاكرة تسترجع في زمن الوھم. لا ھم ولا وھم یبني تاریخ لمجد لا یتبنى علم وصدق وحكمة في وعاء الحق. ھل ما زال یطاردني ظلم أما أصبحت أنا من یطارده؟ القلب یبتسم ویضحك ویمني ویقول بأن التاریخ یصنعه قاده لا تأخذ من ماضیھا إلا ما یبني المجد. لا تصنع أجیال المستقبل من ذاكرة مھترئة تكاد تمزقھا الأوھام. ولا من رحلة أوھام سلكت طرقاً لتحقق مجداً في واد سحیق بدل من أن تتسلق أعلى قمة لتعبر للمجد بأنه حيٌ في نفس كل عزیز لا یكره غیر الظلم.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

قناع الابتسامة

حمساء محمد القحطاني _ الافلاج تلك الضحكة التي أطلقها في وجه الحياة وتلك الابتسامة الهادئة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.