بقلم/ عبدالله بن حمدان الفارسي – سلطنة عمان
على أبجديات الزمن تقف مشاعرنا بشموخ غير قابلة للمساومة، ممددة على أوتار شبه مترهلة، تقاوم العادات والأعراف والتقاليد البالية، تتحدى بصمت مدوٍ الذبول وانحناء الاستسلام لتضاريس المحال والمستحال..
هي لغة القلوب الشفافة لاتتحكم بها أخوات كان ولا أحرف العلة ولا الهمزة المكسورة، هي لغة غير قابلة للاستهلاك والرصد والترصد ولا ترضخ لأجهزة كشف المشاعر..
لأن مكوناتها لا تندرج تحت ما يسمى بحكم المنطق أو جوهر الواقع..
مشاعرنا استثنائية التكوين، هي ذرات لايحتويها الواقع البشري ولا الخيال الاعتيادي، هي في الحقيقة صمت بلغة الكلام، وحديث بلغة الإشارة المبهمة..
كيف لا تكون كذلك وهي مازالت مخلدة على كف الزمن منحوتة على خد القدر، تسرد للعشاق تفاصيل قصة حب ظاهرها جميل مؤلم وعمقها مرير بلسم..
قصة حب فريدة بنوعيتها، متميزة بصمودها.. أنينها لذة وشدتها رقة وصلابتها سلاسة..
السنون من رحم الحياة تُولد؛ لتأخذ دورتها المعتادة بين الصيحة والبسمة حتى تتوقف عند نقطة اللاعودة..
ولكن مشاعرنا رغم التباعد الزمني تظل مترابطة بالتجاذب الفكري العفوي لتُخًلد واقعا بأن البحار لا تنضب وأن الجبال لا تموت..
وأن السماء لا تسقط والأرض لا تسمو.. ولكن مشاعرنا لحظة التكوين والتكوًن فيها لاتبتدي ولاتنتهي..هي مدرسة سرمدية الجمال نرجسية الشعور..أحادية الطهر والنبل..
أحاديث الليل البهية تجمعنا، وكل منا يبعده المكان.. وأشواق الشوق تلملم ما تبعثر من مشاعرنا لتجدد وعد اللقاء الذي يستعصي في اقترابه ولايأتي إلا في مخيلتنا فقط.. هي رحلة على قارب قد تهالكت أركانه..
أنهكه السفر اللا معروف حدوده..
قصة مشاعرنا لا تبحث عن نهاية المطاف السعيد، فقد استلذت وتلذذت الصعاب، فكلما تحسست بجمر العذاب ازدادت توهجا وعنفوانا.. هي معتقة الجوهر فكلما تقادمت عليها الأيام تلألأت ببريق النقاء..
ليتها سعادتنا لا تجد مرشداً لها، فبهجتها الحقيقية بالتحليق في فضاءات المستحيل، تبحث عن أمل الانفراج بنظرة الأعمى، ففي ذلك عظمتها وإخلاصها وتفانيها من أجل حب عابق في غياهب المستحيل وبين براثن النسيان..راسخ في ذاكرة التاريخ مدوّن بحبر المعاناة…
شاهد أيضاً
خريف جازان وحسرة المزارعين
بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …