بقلم / خالد النويس
انتهت قبل أيام ذكرى اليوم الوطني ال91 وظهرت قبلها وخلالها مشاعر الحب والإنتماء لهذه الأرض المباركة من المواطنين والمقيمين ، بل وتجاوز الحب حدود الوطن إلى أصقاع الأرض مشرقا ومغربا ، فرأينا عبر وسائل التواصل كيف انهالت التهاني وفاضت المشاعر من الدول الشقيقة والصديقة معبرة عن تهنئتها الصادقة والتي لم تأت بإيعاز أو بشراء ذمم وإنما جاءت تعبيرا عن حب مكنون وعرفان بالجميل الذي حفظوه للمملكة نظير ماقدمته لهم طيلة سنوات من دعم ومساندة ومساعدة لاينكرها إلا جاحد .
ومايلفت الإنتباه في تلك المشاعر هو أن معظمها جاء موجها باللغة العربية من غير الناطقين بها وهذا ماجعل لها وقعا وتأثيرا وانتشارا أوسع ، وفي المقابل رأينا مشاعر حب وانتماء من داخل الوطن لأبناء وبنات الوطن إلا أن اللغة اختلفت عن سابقتها ، فبدلا من أن تكون باللغة العربية ( كونها موجهة لمجتمع يتحدث العربية ) سمعنا المشاعر بلغة عربية ممزوجة بمفردات وجمل إنجليزية ، حيث تحدثت إحدى الفتيات السعوديات عن مشاعرها الوطنية مخاطبة زميلاتها السعوديات فبدأت بالللهجة المحلية وخلطت معها بضع كلمات بالإنجليزية وعادت إلى اللهجة المحلية ثم أعقبتها بجمل إنجليزية وختمت مشاعرها باللغة العربية داعية للوطن بالعز والتمكين ، وغيرها من المقاطع الكثير مما حفلت به برامج التواصل .
نحن هنا لا ننكر أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى على مستوى العالم ولا نشك في قدرة شبابنا وشاباتنا على التحدث بها بطلاقة أثناء تواصلهم مع غير العرب ، ولكن أليس من المفترض أن نعتز باللغة العربية أثناء تخاطبنا مع الآخرين وأن نجبرهم على معرفتها ؟ ماالذي يضير لو تحدثنا باللغة العربية في تلك المشاعر وجعلنا ترجمتها مصاحبة لتصويرنا كما هو الحال في الأفلام والبرامج المترجمة ؟ هذا في حال كان الجمهور المخاطب غير ناطق باللغة العربية ، وهنا نستحضر مثالا قريبا على تأثير اللغة العربية وقوة حضورها عندما قامت وزيرة خارجية النمسا بإلقاء خطابها أمام الأمم المتحدة باللغة العربية ( وهي لغة معتمدة في الأمم المتحدة من ضمن ست لغات أخرى ) ، فهل كانت بحاجة أن تلقي الخطاب بلغتنا العربية رغم وجود المترجمين المباشرين أم أنها استخدمت القوة الناعمة في الوصول والتأثير لدى المتلقي ؟ ومثلها أمثلة أخرى حاضرة بيننا كالسفير الياباني والسفير الصيني لدى المملكة ، والذين خاطبا الداخل السعودي باللغة العربية لإيمانهما بأنها تساعدهما في الوصول والقرب وإعطاء صورة إيجابية لبلديهما ، وهذا مانلاحظه من خلال تغريداتهما على حسابهما في تويتر .
يبقى الدور الأكبر والأهم لوزارة التعليم ومن بعدها المؤسسات الثقافية الأخرى في تعزيز مكانة لغة القرآن وإبرازها بالشكل الذي يرتقي لمكانتها كلغة عميقة وثرية ومتجددة تساير كل زمان ومكان ، وأن تزرع حبها والاعتزاز بها في الجيل الحالي من خلال تكثيف وتنويع المناهج المختصة بها بأساليب وبرامج مدروسة يقوم عليها مختصون أكفاء لديهم القدرة والخبرة والمعرفة وهم ولله الحمد كثر وإنجازاتهم تشهد لهم في هذا المجال .
الخاتمة :
لغة الضاد غنية فلا تظهروها أمام العالم فقيرة