ذكرى اليوم الوطني … فخرٌ وانتماءٌ واعتزاز

أ.د. نايف بن ثنيان آل سعود*

يحتفل وطننا الغالي بذكرى عزيزة على قلوبنا جميعاً، وهي الذكرى الحادية والتسعون لليوم الوطني السعودي، تلك الذكرى التي تعيد إلى أذهاننا ذكرى كفاح الأباء والأجداد، ذلك الكفاح الذي يدل على الحب المتوارث لهذا الوطن جيلاً بعد جيل. فهذا الحب الذي ينبع من نفس إنسانية نقية مخلصة، هو شعور متجذر، ولله الحمد، في نفوس أبناء هذا الوطن وبناته. فمنذ تأسيس هذه الدولة المباركة وشواهد حب الوطن تضيء صفحات تاريخه العريق، فها هو الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه- يقود مسيرة توحيد هذه البلاد على أساس من الحب والانتماء والاعتزاز، محاطا ًبرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأدركوا قيمة حب الوطن والانتماء إليه في رفعته والارتقاء به إلى المراتب العلا. فما أن استرد الملك عبد العزيز مدينة الرياض في 5 شوال 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م إلا واندفع سكان الرياض وما حولها بشعور مفعم بالحب والفخر والاعتزاز إلى مبايعته، وما كانت هذه المبايعة إلا صورة ساطعة مليئة بالأمل وحب الوطن، وخطوة أولى في مسيرة التوحيد لوطن أحبهم وأحبوه منذ الوهلة الأولى. وأخذ شعور حب الوطن يزداد يوماً بعد يوم، ويزاد معه رفعة هذا الوطن وتطوره في مجالاته كافة، فما أن أعلن المؤسس توحيد البلاد، وتحكيم كتاب الله وسنة نبيه، والمؤاخاة بين أبناء الوطن، حتى بايعه جميع أهلها، وصدر الأمر الملكي بالإعلان الرسمي عن توحيد البلاد وتسميتها باسم “المملكة العربية السعودية” بدءاً من 21 جُمادى الأولى1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م، الأول من الميزان، وحدد هذا اليوم ليصبح اليوم الوطني للمملكة، فوعى المواطنون ربما لأول مرة في تاريخهم الحديث معنى رابطة المواطنة القائمة على الحب والإخاء والمسؤولية والآمال المشتركة. واقتفى أثر المؤسس أبناؤه ملوك المملكة العربية السعودية من بعده، إذ جعلوا من المواطن محور التنمية والتقدم الذي تدور حوله جميع الخطط والاستراتيجيات الحاضرة والمستقبلية في هذا الوطن، وها نحن الآن نعيش هذه التنمية ونعايشها في جميع المجالات، وحكومتنا الرشيدة تُيَسّر السبل وتذلل الصعاب لراحة ورفاهية المواطن في مختلف مناطق المملكة. وقد بدا ذلك جليّاً في خطابات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود –يحفظه الله- إلى مواطنيه فيقول في أحدها: “أبناءنا وبناتنا.. لقد سخَرت لكم دولتكم كل الإمكانات ويسّرت لكم كل السبل لتنهلوا من العلم في أرقى الجامعات في الداخل والخارج، والوطن ينتظر منكم الكثير، فعليكم أن تحرصوا على استغلال أوقاتكم في التحصيل، فأنتم استثمار المستقبل للوطن”، وقال -يحفظه الله- “إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي فلا فرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة وأخرى وأتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن”، وفي هذا تأكيد من القيادة الرشيدة –حفظها الله- على قيمة اللحمة الوطنية في الارتقاء بالوطن، وأن المواطن هو الهدف الأسمى والغاية المثلى من كل خطط التنمية. وجاءت الرؤية المباركة- رؤية 2030- لتؤكد على هذا الهدف وتجلو معانيه، ففي ذات المعنى يذكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في كلمته بمناسبة ذكرى اليوم الوطني السادس والثمانين: “تمر اليوم ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، ونحن نستحضر ما قام به مؤسس بلادنا وباني نهضتها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله– وأبناؤه البررة من بعده، مشيدين بما تشهده المملكة من نمو وازدهار مستمر تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله- وهي تَشرُف بخدمة ورعاية الحرمين الشريفين وقاصديهما”. ونحن بدورنا نؤكد في ذكرى احتفالنا باليوم الوطني الحادي والتسعين أن حب الوطن والانتماء إليه والاعتزاز به ركيزة أساسية من ركائز التنمية والازدهار والتطور، وقيمة متأصلة في نفوس أبناء هذا الوطن وبناته، متخذين منه نبراساً يضيء لنا طريق النهضة والرقي لبلادنا، في ظل رؤية ودعم قيادتنا الرشيدة يحفظها الله.

 

 

عميد كلية الآداب بجامعة الملك سعود

المشرف على مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

 

 

عن د. وسيلة الحلبي

شاهد أيضاً

رجل البرّ

  بقلم/ مشاري محمد بن دليلة* منذ  ما يقارب سنة هجرية أكرمني الله بمعرفة رجل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.