بقلم : فتحية منديلي
ها هي الدنيا تصول وها هي الأقدار تعول وهاهي الأيام تدور وهاهو الزمن بحدثه يروم ما يلهم النفس شجن يحوم وخواطر في الفكر تجول فحواها أهازيج واقعة جدواها مبادئ جادية ملائمتها قريبة مجاراتها بعيدة أحيانًا تبدو ستارا سادلاً وأحيانا تبدو غطاءً كاشفاً ، تارة ترمي بمكنون وتارة توضح ما سيكون .
تجوب واسعاً يمارسها البعض غرضاً والبعض الآخر يعتنقها حباً لاعتقادهم أنها أساليب تجدي لمن اتبعها صدقاً ؛ فالدنيا ميادينها برحة وآفاقها وسعة مطالبها جمة عيشها صعبة قرارها مجهول حدثها ليس بالحسبان يكون متقلبة بمجراها متغيرة بقضاها كل يوم في حال ولا يستقر لها مآل ولا يركن إليها أمان ولا تعلق عليها الآمال أطوارها غريبة طباعها مخيفة إقبالها مريبة مثل أرجوحة يميناً ويسار مديرة تارة هنا وأخرى هناك دونما استقرار تقبل وتحط فرح يسر تدبر وترمي حزن عسر تتقلب في كل حينة تدير بظهرها متى أرادت تغيره كأنها دوامة تدور برحاها حيرة ومثل قارب يميل بمجدافه تحيرة رغم أن عطائها جزل فرحها بهج تسخيرها مدد إلا أنها بالمقابل تسقيك وهن شقاء ومرّ عناء وحسرة بلاء سعدها لا يدوم جفائها قد يطول شدتها لا تحول أحياناً تبهيك وأحياناً تدنيك لا يؤمن لها جانب ولا يؤمل فيها غالب ( من ذا الذي يبني فوق البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا ) .
كل يوم يظهر فيها جديد وكل ساعة يبدو فيها تجديد وكل ثانية يولد فيها وليد وبنو البشر لأحداثها متفرج شهيد بعين الدهشة لها نظير وفكر يقظ لها رقيب قد يصل به إلى تدبر وديع وفكر وجيد يترجم
فيما بعد إلى خواطر ملهمة في تغريدات معلنة ترمز لأهداف مجزية صداها يذاع عبر التاريخ في سجلات الحياة وذكراها يخلد في دواوين البقاء تصاغ في صور بلاغية تكتب في عبارات جمالية تدون في حكم برجوانية وقرارات استراتيجية تلقي ضوءاً على أسلوب عيش أهنأ مواعظه قيمة دروسه نيرة أثره رجعي باني صداه وضعي قاني لحياة جادية تبهو بالإنسان رافعة نحو الأفضل وتدنيه فوق الأحسن وترومه إلى الأجمل .
لذا فالبعض يعتنقها لاعتقادهم أنها تثريهم بقرار وتجوبهم افتخار : ف ( يأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك) الانفطار : 5 -7
فيأيها الإنسان لا تغرك الدنيا بمباهجها وتأخذك بمفاتنها وتصحبك بغرورها وتركن فيها الآمان وتعلق عليها الآمال وترجو منها حسن مآل قال عليه الصلاة والسلام ( ما الدنيا إلا دار اختيار وابتلاء وأنظر إليها نظرة مسافر أو عابر سبيل استظل تحت شجرة ساعة ثم تركها ).
فما عليك أيها الإنسان في هذه الدنيا إلا أن تلجأ إلى ربك الكريم
لجوء العبد القانت المنيب فهو الذي أيداك وفي أحسن صورة سواك ومنذ خلقك هو يرعاك وفي نصب عينيه وضعك وخلاك فأنت تحت ظله بعظمته في كل حين وفي كنفه برحمته طوال السنين ، عالم بحالك محقق لآمالك ميسر لأقدارك يرنو إليك بحفظ ويدنو منك علم ويعلو بك بخير :
– فمهما كثرت في الدنيا جدو تغريداتك.
– ومهما تضاعفت في الدنيا سمو مرتباتك.
– ومهما تراكمت في الدنيا رصيد ثرواتك.
– ومهما بلغت في الدنيا علو شهاداتك.
– لن تأخذ منها سوى شهادة وفاتك. .
فلا ترجو من الله في هذه الدنيا الغرورة ولا تشدو فيها تغريداتك الصدوحة سوى أن تطلب منه أن يرضى عنك ويغفر لك ويعفو عنك وأن يهبك جزيل أجر ورفع قدر إذا ما رحلت إليه بعد وافتك .