الرياض / هدى الخطيب
قال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية : يسارع البعض بنشر صوره الشخصية المُعدلة عبر فلاتر تحسين الصور أو عن طريق بعض التطبيقات التي تُنتج صورة شخصية خالية من أي عيوب وقريبة من معايير جمالية مطلوبة لهؤلاء الأفراد الذين يدمنون نشر صورهم التي يتم تحسينها بشكل مستمر وخيالي.
وربما يؤثر انتشار هذه الصور على مقاييس الجمال وتحولها من صورتها النسبية إلى تثبيت معايير تتدخل في صنعها تطبيقات الموبايل، ولكن: ما معنى لجوء جمهور الفيسبوك لنشر الصور الشخصية الخالية من العيوب؟ وعلاقتها بتجميل أو تشويه الواقع؟ وتأثيرها على رفض الواقع والتخلي عن صورنا الشخصية الحقيقة؟ فهل تستثمر شركات وأطباء التجميل الصور الخالية من العيوب المنتشرة على الفيسبوك؟ وما نتيجة الخلل في مفاهيم الإنسان المتعلقة بالنظرة الإيجابية لذاته ولجسده تحديدا؟
وأضاف الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن تعزيز المفاهيم الإيجابية نحو الذات يضمن للإنسان التمتع بصحة نفسية جيدة، مثل الثقة بالنفس والشعور بالكبرياء الذي يُقلل الإحساس بالقلق والإصابة بالأمراض النفسية، ما يجعل الفرد قادرًا على التمتع بمباهج الحياة والقدرة على التواصل مع الناس وإقامة علاقات اجتماعية ناجحة.
ةيعتقد “هندي” وفق تصريحات خاصة لـ”البوابة نيوز” أن الفرد الذي يتمتع بمفاهيم إيجابية نحو ذاته يمتلك الإقبال والإقدام في المواقف الاجتماعية المتباينة، وذلك على العكس من الأفراد الذين يتبنون مفاهيم سلبية نحو ذواتهم، ما يُشعرهم بالانسحاب الاجتماعي والإحجام عن المشاركة إلى جانب الشعور بالنقص والإحساس بالعجز.
ويوضح أن أي مشاكل نفسية وسلبية تكتنف الأفراد تكون بقدر انخفاض ونقص المفهوم الإيجابي نحو الذات، كما أن النظرة نحو الذات ترتكز على النظرة ناحية الجسد، فكلما رأى الفرد جسده بصورة مُستحبة أعطاه شعورا بالرضا، ينعكس على السلامة النفسية، ويؤثر على أمنه النفسي واستمتاعه بمباهج الحياة.
ويشرح استشاري الصحة النفسية، أن الإنسان دائما ما يُجاهد لتجميل صورته الشخصية باختلاف الزمان واختلاف معطيات كل عصر، فقبل عصر الإنترنت مثلا كانت المرأة تسعى لتجميل شكلها عن طريق الإكسسوار واستخدام كريمات ومُنتجات التجميل، أما الشباب فقد اعتمدوا على تسريحة الشعر وتشبهوا بالفنانين كي يرضون عن صورهم الشخصية إلى جانب الرغبة في معالجة حَب الشباب والنمش، ثم دخلنا في عصر عمليات التجميل وحقن البوتكس وعدسات العيون، ثم جاءت تطبيقات الموبايل التي سهلت كثيرا على الشباب ووفرت الكثير من الوقت والجهد.
“كل فرد يحب أن تنال صورته الشخصية قبولا وإطنابًا”؛ هكذا يقول “هندي” الذي يلفت إلى زيادة الرغبة في التعامل مع “فلاتر الصورة” خاصة لو كان الشخص يعاني من التجاهل والملل والشعور بالرتابة والسكون أو انخفاض مفهومه نحو ذاته، فهو يبحث عن معززات وهمية من خلال “لايكات الفيسبوك” والإشادة من الأصدقاء.
وتابع : الشخصيات التي تعاني من بعض “الديفوهات” الجسدية يلجؤون لتعويضها من خلال “فلاتر الصورة”، السيدات التي تعاني من أزمة منتصف العمر تجد فيها تسلية مناسبة، السيدات التي لا تجد مالا لعمليات التجميل والبوتكس وغيرها يجدون تطبيقات تحسين الصورة مناسبة جدا. كبار السن من الرجال يلجؤون لاستعادة رونق الشباب عبر تطبيقات الصورة. أما الشباب الذين يحافظون على رونقهم ليسوا في حاجة لرونق مصنوع.
تحدث “هندي” عن الإيجابيات والسلبيات قائلا: من ناحية أخرى فلها إيجابيات من خلال رغبة الفرد في تحسين صورته الذاتية أمام الآخرين ورغبته في القضاء على مشكلات الوحدة الاجتماعية، لكن أهم عيوبه هي محاولة خداع الفرد للآخرين وخداع نفسه، ومن مخاطره إصابة الشخص بالإحباط لرؤيته أن الصورة الحقيقية له أقل كثيرا ومختلفة عن التي يروجها على الفيس بوك، إلى جانب تأثيرها على أدائه الوظيفي وإنجازه المهني والعملي.
يضيف أن “فلاتر الصور” نوع من الالتفاف حول المشكلة دون حلها أو مواجهتها، كونها تُنمي قيم الخداع، كما أن الصورة تأخذ الشكل البلاستيكي الخالية من التعبيرات الإنسانية الحيوية، لذا فمن الممكن أن يفقد الفرد سلوكه الإنساني على حساب الخمول.