بقلم:
إبراهيم العسكري
بحكم تواجدي هذه الأيام المسماه فترة الشتاء في مدينة محايل عسير ، قاصدآ المشتى الجميل والجو الدافيء أسوة بكثير من ساكني مدن وقرى مرتفعات سلسلة جبال عسير وبلحمر وبلسمر ، امتدادآ إلى شمال بني شهر وما جاورها نظرآ لكون محايل عسير وضواحيها تنعم فترة الشتاء بجو دافيء معتدل يميل للحراره نسبيآ بالنسبة للزوار منأهالي تلك المناطق المرتفعة السابق ذكرها.
الغالب بجدولي اليومي بمحايل الدافئ ، أن أجوب بسيارتي بعد كل فجر بدءآ بالحدائق الجميلة المحيطة بأحياءنا المجاورة : الحيلة الشرقي والغربي وأحيانآ امتد شمالأ لقرى الريش وترقش ، وجبلي هادا وظرم ، مرورآ بتهامة بلحمر وبلسمر ، وعبس ووادي بقره وخاط والطحاحين ، وأطراف محافظتي بارق والمجارده.
وإن توجهنا جنوبآ.. لسحر آل عاصم والجوفاء ورقعاء وبلاد البناء ، ثم شرقآ لوسانب ذات العطاء والسخاء ثم قرى قضى.
ولا ننسى رجال ألمع التي استمتعت فيها بالعوص والمندر والشعبين وشوكان ، وبني جنوه وحورة قيس وحسوة وأم شرفه وجبال شحب وغمره والبتيلة والحبيل والعاينة ، وفي الجنوب الغربي دالج وصدرة قيس وروام ومهمال وريم الصواقعه وغيرها.
وفي الغرب قنا وما أدراك ما قنا وبحر أبو سكينه ، مرورآ بقرى كثيرة حتى نصل البرك والقحمة وعمق وسعيدة الصوالحه المجاورة لشاطي البحر الأحمر الشرقي.
رأيت أثناء العبور بكل تلك المواقع ما يملأ القلب سرورآ وبهجة ، فنرى في صباحاتها جمال الشروق مع الأودية المكسية بأشجار متشابكة في الغالب خضراء رائعة ، ونشاهد بعلوها الطيور المغردة فرحآ وابتهاجآ ، وفي الأرض كثيرآ من المواشي البرية والأليفة التي تتواجد هنا وهناك بأطراف الطريق .
أتساءل أحيانآ لماذا كل هذا الزحام الشديد والأعداد الكبيرة من البشر بأسرها التي نزحت لسهول تهامة من بيوتها المعتلية في المدن والقرى السروية (المرتفعة)
وهل هجرتها الشتوية المعتادة في العقود الاخيرة من كل عام تعود بسبب شدة البرد هناك.
فأرد لنفسي عن سؤال خاطري وأقول ليس ذلك السبب فهناك وسائل التدفئة المتعدده في الملابس والبيوت وحتى في تقنية السيارات..!!!
إذا السبب في نظري يعود للرفاهية مهما كلفت أثمان مشقة السفر والأعباء اللاحقة.
عندما أضع مقارنة بين الماضي والحاضر وكيف كان يعيش الأجداد والآباء دون الهجرة أيام الشتاء ، وأقول هل المقاومة للبرد كانت أقوى رغم قلة موارد المقاومة كما هو حال اليوم.
فأجد الجواب يقول لي يا مسكين ليس حال الأمس مثل اليوم بوجود السيارات والطرق المعبدة والوظائف المتعدده.
كانوا زمان أبي وأبوك ومن قبلهم ومجتمعهم رحمهم الله أشداء أقوياء بما منحهم الله، ثم ما منحتهم تضاريس الطبيعة فهم يقاومون بجلودهم القوية المقاومة للصدأ ومهام الشتاء والصيف، إنهم كانوا يعملون ليل نهار بجلد ورغبة وأريحية وصراع من أجل البقاء، لا وقت لديهم للهجرة المضيعة للوقت والجهد كما هو حالنا اليوم فهم يعملون ويزرعون ويبنون ويأكلون ويشربون من خيرات أراضيهم ومواشيهم باعتماد ذاتي ولا ينسوا الجانب الديني الفطري وهو الأهم ، ومع ذلك ليسوا متشدقين أو متشددين بالغواء فهم يسرحون ويمرحون ويغنون حتى تسمع وتستمتع أنفسهم وحتى مواشيهم ويسمعون بقوة صدى أصواتهم العذبة للطبيعة المحيطة التي أحبوها كثيرآ من باب الترويح للنفس ساعة وساعة.
إذآ فأباؤنا على حق ولو عاد زمنهم عدنا لعهدهم رحمهم الله.
اللهم أدم علينا الفضل ونعمة الأمن ومتعنا بماهو خير لنا.