من حق كل طفل يتيم أسرة تحتضنه

 

بقلم الكاتبة / وسيلة محمود الحلبي *

 

حين تتصف أسرة بأكملها بالشجاعة لاتخاذها قرارا يصعب اتخاذه من كثير ممن يملكون القدرة على مخالفة العادات والتقاليد التي رسمت من أجل أن يكونوا آمنين من كل شيء ، هذه الأسر بمحض إرادتها أبت إلا أن تكون بمنزلة المسافة التي تقطعها من السبابة إلى الوسطى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الجنة وما أجملها من منزلة .

فيا ترى ماذا ينقص الكثير من الأسر أن تكون كذلك؟ أو بالقدر المستطاع من الشجاعة؟ وما سر خوف العديد من أفراد المجتمع من احتضان ذوي الظروف الخاصة ، بعكس الأيتام رغم أن الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين – رحمهما الله – قالا: إنهما في نفس المنزلة.

عزيزي القارئ : إن احتضان طفل يعني تولي أسرة مغايرة للأسرة البيولوجية لطفل ما ، مهمة تربية وإعاشة وحماية الطفل، ويعتبر هذا الاحتضان قانونيا بعد تحقق شروط معينة. منها أن تكون الأسرة صالحة اجتماعيا، ونفسيا، وتربويا وأن تكون حالة الأسرة الاقتصادية جيدة إضافة إلى خلوها من الأمراض المعدية والسارية والنفسية المزمنة. مع إمكانية الأم من إرضاع الطفل المحتضن. وأن يكون لون بشرة الطفل قريبا مع لون بشرة الأسرة الحاضنة أيضا.

و”الاحتضان” ينقذ أعدادا كبيرة من الأيتام ذوي الظروف الخاصة ،  وإن برنامج الاحتضان، أو برنامج الأسر البديلة، يهدفان إلى نفس الجوهر، وهو توفير أسرة حاضنة لطفل ذوي الظروف الخاصة تعمل على تأهيله، حتى لا يشعر أنه مختلف عن غيره،  وإلى دمجه بالأسرة بعيداً عن دار الرعاية، فوجود سند أسري سيبني شخصية الطفل ويجود حياته بشكل مختلف تماماً، وهذا كله سينعكس على المجتمع.

“فمن حق كل طفل يتيم أسرة تحتضنه”، لذا تحرص جمعيات الأيتام ذوي الظروف الخاصة بشدة على تحقيق كفاءة الأسرة المحتضنة للطفل اليتيم، ليضمنوا له الاستقرار النفسي والتربوي، وليكون جزءا من الأسرة يرتبط بها شرعياً من خلال الرضاعة الطبيعية، ويصبح عضواً فاعلاً في المجتمع ويسهم في أداء أدواره وواجباته بشكل طبيعي.

وسعياً نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، فيما نصت عليه في تمكين المنظمات غير الربحية من تحقيق أثر أعمق لخدمة هذا المجتمع الحيوي في وطن الخير والعطاء، تتولى بعض الجمعيات مسؤولية جميع الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية بالمملكة العربية السعودية من حيث استلامهم وتوفير الرعاية المؤقتة لهم وإسناد احتضانهم إلى أسر سعودية مؤهلة وفق الشروط المعتمدة بموجب اتفاقية مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

أن حضانة الأطفال الأيتام ذوي الظروف الخاصة مع أسرهم يعتبر ضمن توجهات وسياسة الدولة، وذلك في أن يجد أسرة تحتويه دون أن يبقى في دور الإيواء، ومن هنا يكون الفرد قادرا على العطاء والتكيف مع المجتمع. وتعتبر كفالة اليتيم من أعظم الطاعات والأعمال التي فيها صلاح المجتمعات، ولذا لم تكن كفالة اليتيم القيام فقط على مصالحه الدنيوية من طعام وشراب وكساء ، بل والقيام على مصالحه الدينية في التوجيه والتربية والتعليم.

أن الأطفال ذوي الظروف الخاصة لهم أحكام الأيتام ، بل هم أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديهم وأهلهم، واليتيم قد تكون أمه بجانبه، وقد يزوره خاله وعمه وخالته وعمته، أما الطفل من ذوي الظروف الخاصة فإنه منقطع عن هؤلاء، ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم الطبيعي .

وإن الإحسان إلى اليتيم وكفالته والعناية به من شعب الإيمان، قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) سورة البقرة .

ومن يكفل طفلاً من مجهولي الأبوين فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا.

 

* سفيرة الإعلام العربي

* سفيرة السلام للدفاع عن حقوق الإنسان

* مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة

 

About د. وسيلة الحلبي

Check Also

كبري رديس

أحمد جرادي تأمل الجميع أن تسارع الجهات المعنية بكبري رديس ان تجد حل جذري وسريع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.