ا.عمرو عادل بسيوني – محاضر بجامعة أم القرى
بعد مشاهدة تحليلية نقدية بين برنامج خواطر وبرنامج سين , استطعت أن أخرج ببعض الاختلافات الجوهرية الكبيرة بينهما , فبرنامج ـ “خواطر” هو برنامج تعليمي تثقيفي ناقش الكثير من القضايا التي تخص الشباب والمجتمع العربي والإسلامي وحقق نجاحًا ملحوظًا وشعبية بين الشباب العربي لبساطة الأسلوب والاعتماد على التطبيق الحركي والأسلوب العملي , وبفضل النجاح المتواصل والإقبال الجماهيري الواسع على الفكرة.
فقد كان “خواطر” برنامجاً ثابتًا في شهر رمضان المبارك , تحدث على مدى احدى عشر عامًا عن التطورات الموجودة بالعالم الغربي , ولنا في التطورات التنموية في امبراطورية اليابان خير مثال على ذلك , فقد كان من أكثر الأجزاء المؤثرة في الشباب العربي وأكثرها مشاهدة , فالاهتمام بأدق التفاصيل الكبيرة والصغيرة التي أنجزها المجتمع الياباني من معاملته لعامل النظافة الذي كان يتقاضى راتبًا عاليًا مقارنةً بما يتقاضاه عامل النظافة في بلادنا العربية , إلى الوسائل المستخدمة في الدفع هناك من خلال رصيدك في الجوال اذا لم يكن المبلغ نقديًا , كانت مؤثرة بشكل كبير ليس فقط على المشاهد بل حتى على المُقدم , واتضح ذلك عندما ختم فقرته بعبارة ” هي حاجة من اثنين, إما اليابان في كوكب آخر أو نحن في كوكب آخر ”
جميع هذه الأمور جعلت من المشاهد قليل الخبرة والتجربة يشعر بأنها دولة تخلو من المشكلات البدائية مثل باقي الدول الأخرى , بالرغم من أنها من أكثر الدول التي تعاني انسانيًا واجتماعيًا وثقافيًا , فعلى سبيل التوضيح اليابان من أكثر الدول التي تعاني من حالات الانتحار والتي قُدرت بأكثر من 22 ألف حالة انتحار في عام (2016) وهو أقل معدل انتحار تم توثيقه منذ 22 عامًا , وهي من أكثر الدول التي تؤمن باستعباد المؤسسات للموظفين بفرض ساعات اضافية كبيره جدًا , لدرجة قد تجد الكثير من الموظفين ينامون في وسائل النقل العامة من شدة الإرهاق والتعب , بالإضافة إلى بعض المشكلات مثل الانسحاب الاجتماعي والعزلة عن الناس والفقر والتمييز والتنمر والتي تؤدي بالضحايا المتعرضين لهذه الأمور والتي لا تمت للإنسانية بصلة إلى “جبل فوجي” أو “حدائق اوكيغهارا” والمخصصة للانتحار, مثل هذه الأمور لم يتم التطرق لها بالرغم من كونها مواضيع هامة وأساسية , فالتحدث والتطرق لها أمر ملح وضرورة قصوى , وهذا ما يهدف له الإعلام من خلال عرض الصورة المجتمعية كاملةً دون تزييف أو تقصير , والتركيز على عرض الإنجازات المجتمعية التنموية المنُجزة في الأوطان للمشاهدين , الأمر المُساعد على تنمية الروح المعنوية وهدم الشعور بالنقص من المجتمعات الأخرى , فتلك الفترة وفي تصوري كان بعض المحتويات الإعلامية تخدم بشكل كبير المجتمعات الغربية أكثر منه في المجتمعات العربية بل كان قاسيًا عليها في كثير من الأحيان ,
وهذا الأمر الذي تفطن له الاعلامي القدير أحمد الشقيري في برنامجه “سين “حين سخر كل الجهود والإمكانيات والقدرات الموجودة للتعريف بالسعودية العظمى والتطورات التي تشهدها المملكة العربية السعودية منذ الإعلان عن الرؤية (2030) من صاحب السمو الملكي ولي العهد “محمد بن سلمان , إلى وقتنا الحالي , فبرنامج “سين” هو برنامج تعليمي وثقافي وتعريفي بالتطورات التنموية والمجتمعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية في جميع المجالات , فعلى سبيل التوضيح عرضت احدى حلقات هذا البرنامج القيم والمميز حلقة بعنوان “التحول الرقمي” الذي هو احدى أهم المعايير التنموية والتقدمية والتطويرية للمجتمعات وذلك عندما عرض أخر وكالة ورقيّة أصدرتها وزارة العدل السعودية بعد أن وصلت إلى نسبة صفر% في التعاملات الورقية , أيضًا عرض خدمة توثيق الزواج إلكترونيًّا عبر خدمة “ناجز” , بالإضافة إلى اجراء اصدار جواز السفر إلكترونيًا عن بعد عبر منصة “أبشر” , كما سلط الضوء ايضًا على المحفظة الإلكترونية التي يوفرها تطبيق “توكلنا” الذي تُشرف عليه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” , كما تحدث عن تقنية الجيل الخامس والبنية التحتية وكيف أصبحت السعودية من الدول المتقدمة تقنيًا , حيث احتلت المركز الأول كأكبر شبكة جيل خامس في الشرق الأوسط , والرابعة على مستوى العالم , كما ركز على التحول الرقمي في القطاع الصحي وذلك بالاستغناء عن الوصفات الورقية والاعتماد على الوصفات الطبية الإلكترونية , كما سلط الضوء على مبادرة رقمنه الثروة العقارية في السعودية والذي يعد أكبر مشروع رقمنه للثروة العقارية في العالم , كما تطرق في احدى حلقاته عن “الثورة السمكية” ومستقبل انتاج الأسماك في السعودية وتحدث عن المقارنة التنموية الكبيرة عندما ذكر احصائية مفادها “بأن عدد المشاريع كانت في هذا المجال (83) مشروعا في عام (2018) وأصبحت (180) مشروع في عام (2019)” , كما استعرض واستفاض في موضوع التعدين والإسكان والطاقة والثروة الصناعية والبحر الأحمر , ووضح للجميع مدى التقدم التنموي في جميع المجالات في المملكة العربية السعودية بالأرقام والاحصائيات , فالبرنامج كان ثري بالمعلومات والاحصائيات التنموية والتقدمية والتطويرية بمجتمعنا , والتي لا يمكن توضيحها وذكرها في مقالٍ واحد.
ما أريد توضيحه في مقالي هو مدى الحاجة الماسة إلى إعلام قوي ومتخصص غايته التعريف وتسليط الضوء على التقدم الكبير والذي يسير بسرعة الضوء في المملكة , متفوقين على دول كثيرة تُعرف بأنها من دول العالم الأول ,كما أن التحول الفكري والموضوعي في الطرح من التمجيد في الغرب والتحدث عن انجازاتهم ومدى تقدمهم وتطورهم بوضعهم في صورة المجتمع المثالي المتكامل , والتطرق باستحياء إلى بعض الانجازات العربية في برنامج “خواطر ” إلى التركيز على التقدم والتطور التنموي الشامل الموجود بمجتمعنا السعودي في جميع المجالات بالأرقام والاحصائيات وتوضيح مدى التفوق الكبير الذي شهدته المملكة وجعلتها في مصاف الدول المتقدمة في برنامج “سين” هو دلالة صحية فكرية ثقافية على مدى نضج المجتمع ووعي الفرد قبل المسؤول بأهمية الإعلام في هذه المرحلة التطويرية وذلك بأن تكون برامجه عبر وسائلة مواكبة للتقدم الكبير الذي تشهده المملكة في جميع المجالات محققةً للنمو المتوازن , رسالتي هي مجتمعك وخلال فترة وجيزة استطاع أن يتطور تطورات تاريخية وكبيرة , والقادم أجمل وأفضل , فلنسخر إعلامنا وأقلامنا وجميع وسائلنا لمواكبة هذه التطورات الكبيرة والعظيمة ولنضع مجتمعنا بالمقام الأول , يكفينا إهمالًا بأنفسنا وتمجيدًا لغيرنا