الكهرباء والعمامة والسيفتي كاب

                             بقلم:

سحبان فيصل محجوب – مهندس استشاري

يفرض ارتداء خوذ السلامة المهنية (أغطية الرأس) على العاملين كافة في المواقع المختلفة للمنشآت الكهربائية ، كما يفرض ارتداؤها على الزائرين لهذه المواقع أيضا مهما كانت صفتهم .
حددت ألوان مختلفة لخوذ السلامة هذه على وفق صنوف العاملين ومهماتهم ، فكانت الخوذة البيضاء من حصة المهندسين والمشرفين ، والحمراء لرجال الإطفاء ، أما الصفراء فهي للعاملين على الأرض وهكذا لبقية المهن الفرعية ، ولم يبخل من وضع هذه الدلالات على الزائرين للمواقع ، فقد اختير اللون الرمادي لهم ، حيث توفر إدارات مواقع العمل العديد من الخوذ الرمادية ، ويطلب من الضيوف ارتداءها حفاظا ًعلى سلامتهم الشخصية ، بالإضافة إلى تحقيق تفاعل نفسي مع العاملين الموجودين في ساحات العمل المختلفة .

عملت لسنين طوال ، في العشرات من إدارات مواقع المحطات الكهربائية والمشاريع الصناعية ولم يصادفني يومًا ، رفض أو اعتذار أي زائر ، مهما كانت وظيفته ومهما كان الغرض من زيارته ، عن ارتداء خوذ السلامة هذه ، وغالبا ما تكون استجابة الزوار لطلب ارتداء خوذ السلامة (السيفتي كاب) سريعة ومصحوبة بابتسامة صادقة تعبر عن طواعية القبول بهذا الاجراء ، هذه الاستجابة غير المتوقعة كانت واضحة لتشمل زوار المواقع من الذين يطلب منهم تبديل ما كان يغطي رؤوسهم (بيريه عسكرية، العقال العربي ، السدارة…. الخ) بهذه الخوذ ، وقبل دخولهم إلى حرم المشروع أو مواقع الإنتاج المختلفة.

تحتل خوذ السلامة درجة متقدمة من اهتمامات دوائر السلامة المهنية في المنشآت المختلفة وتعد من المتطلبات الأساس في كمال قيافة العمل للمهندسين والفنيين وبقية العاملين ولها قدسية خاصةً من الصعب تجاهلها ، لمست هذا عندما كان العشرات من المذكرات الإدارية (الداخلية) تنهال على مكتبي والتي تقترح توجيه عقوبات وظيفية بحق العاملين الذين يتجاهلون ارتداء أغطية الرأس الخاصة بالسلامة.

لسنا بصدد المقارنة ، فالحديث عن قدسية العمامة في دور العبادة أو أينما تكون توازي الحديث عن قدسية الخوذة في مواقع العمل والإنتاج فلكل ساحة من فضاءات الحياة طقوسها الخاصة بها والتي تقترن بسلوكيات الأفراد العاملين فيها فعندما يحصل التداخل بين هذه الساحات ومنها العقائدية سوف تصحبه نتائج وخيمة تفتقد فيها المقاييس السليمة التي تضمن الأداء الأمثل للمهمات المرسومة لأي نشاط ويوازي ذلك ضياع عوامل التقييم نتيجة لما يحدثه هذا الضياع من التشابك في خيوط المسؤوليات بفعل عدم الدراية أو فرض آراء ونصائح بعيدة عن السياقات المعتمدة وقد تقاطع ما معمول به ضمن مسار تطبيقات ذوي الاختصاص ، فلكل فضاء غطاء رأس خاص به وعند ارتداء غيره تكتمل الصورة النشاز لهذا الفضاء المسكين ، لذا أرى من الحكمة عدم السماح لمرتدي العمائم بألوانها أن يقودوا إجراءات أي من عمليات تفكيك المعضلات الفنية أو المشاركة فيها، مهما كان نوعها، وترك شأن ذلك لمرتدي الخوذة البيضاء لضمان نجاح هذه العمليات على وفق الحس المهني للمحترفين حصرًا

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.