المدينة المنورة : حامد الظاهري
حين ننظر إلى منصات الترفيه المتاحة عبر الأنترنت نجد بعض الأسماء تكون في صدارة تلك المنصات ومنها والت ديزني، أمازون، ونتفلكس ولكل منهم حكاية في وجودها، لذا دعونا نقف عند إحداها وهي منصة نتفلكس ونقلب محتواها ونفحصه جيداً.
في البداية قد نظن أن منصة نتفلكس هي منصة لتقديم برامج وأفلام عبر اشتراك مدفوع بهدف الترفيه، ولكن التساؤلات تولد حين نسمع أحد مؤسسي نتفلكس وهو يقول إن من أهداف نتفلكس هو “تقديم نمط حياة أو أسلوب حياة” تلك الجملة تجعل العاقل منا يراجع محتوى المنصة بدقة.
لا ننكر أن منصة نتفلكس تقدم قوائم متنوعة فيها خيارات متعددة من المحتوى تبدأ من الأفلام الوثائقية مروراَ بالمسلسلات والبرامج وصولاً إلى الأفلام بمختلف أنواعها وهنا وقفة قبل أن نكمل نظرتنا التحليلية لهذه المنصة.
قد يطرأ على الذهن أن تلك الخيارات الكثيرة والمتنوعة من ناحية ثقافة المنتج، فرنسية أو أسبانية أو أمريكية أو غيرهم من المنتجين تعطي مساحة حرية الاختيار للمتلقي لمشاهدة ما يود وجودة ما يفضل بالكمية التي يرغب، وفي الواقع أن تلك أغلال مسبوكة من فكرة حرية الاختيار لأن أي اختيار لابد أن يكون وفق توجهات المنصة وليس بناءَ على توجهات المشاهد أو بمثال آخر لو أن جلاداَ أعطي لسجين ألف طريقة للموت للاختيار بينها ستكون تلك خيارات محددة سلفاَ للوصول إلى هدف معين!
حسناً ماهي أهداف نتفلكس إذا أخذنا كلمة أحد مؤسسي المنصة وهي تقديم نمط حياة نجد أن ذلك هو التأثير المطلوب ولكن أي نمط أو أسلوب الحياة هو المقصود؟ بالطبع لا أعتقد أننا بحاجة إلى جهد كبير لنكتشف أنه نمط الحياة الغربية المعتمد على النسبية الأخلاقية حيث أن كل شيء ممكن ومتاح ومقبول إذا تراضى عليه ثلة من الناس وكأنما الحق أمسى يعرف بالناس بعدما كان الناس يعرفون بالحق.
حين ننظر إلى تصنيف المحتوى المقدم على المنصة نجد أنها تحدد بناءَ على الفئة العمرية (+٧، +١٣،+١٨) وكذلك بناءً على مضمون المحتوى ( عنف، تعاطي، انتحار… إلخ) وهذه المحددات إنما هما نتيجة من وضع القوانين الغربية التي تجعل من رغبات الأفراد مصادر التشريع وهذا حيف في ميزان العقل وحينما تقول تفلكس أنها تقدم أسلوب حياة فإنها بذلك تعني إقصاء كل أساليب الحياة الأخرى التي لا تتلائم مع أسلوب الحياة الغربي أو بمعنى آخر تستخدم التأثير من خلال تنوع وجودة المحتوى لتأطير البشر في أنماط محددة سلفاَ وذلك للوصول إلى أهداف معينة.
هل سنرى ذات يوم منصات عربية أو حتى إسلامية تنافس تلك المنصات الواردة من الغرب تقدم محتوى يطمح له المتلقي ويكون ذو أهداف أخلاقية أم أننا سنرفض تلك المنصات الغربية و نجلس على رصيف الأمل ننتظر أن ينهض أعلامنا وصناع المحتوى والقائمين على الصناعة السينمائية والبرامج عبر الإنترنت ونحن لا ندري متى سوف يصل قطار الترفيه الأخلاقي الذي ربما تعثر في قضبان الحرية المستوردة وطال انتظارنا له ؟
توقيع الختام :
” أن نستورد المنتجات والصناعات من الآخرين لابأس في ذلك، ولكن أن نستورد أخلاقنا ومعتقداتنا منهم فإن ذلك من الغرائب”