بقلم : حامد الظاهري
كتب كادت أن يعلوها الغبار، قاعات وأروقة فارغة، هدوء آخذ من المكان عنواناً له، ذلك حال إحدى المؤسسات الثقافية التي زرتها بالأمس والحال مماثل في غيرها، استقبلني العامل الأسيوي تجاذبت معه طرف حديث، علل الغياب بجائحة كوفيد والإجراءات الاحتزازية، مضيت من لدنه ومعي بعض الأصدقاء من إصدارات تلك المؤسسة.
ضعف المشهد الثقافي لايرتبط فقط بكورونا التي أدت إلى إضعافه أكثر ولا إلى توجه الكثيرين إلى المحتوى الرقمي والنهل من الفضاء السيبراني من مختلف المعارف والعلوم بل إلى غياب تأصيل مفاهيم الثقافة لدى الأجيال الناشئة وغياب تكامل الأدوار بين المدرسة والمؤسسة الثقافية والشارع والمنزل، حين تقف تلك المصادر في صف واحد لإيجاد بيئة محفزة وداعمة للإبداع، لا أن تكون الثقافة مجرد أنشطة لاصفية أو برامج تنفذ حسب جدول محدد سلفاً أو هدفاً للسخرية والتهكم على المثقفين والأدباء في الإعلام .
إن أردنا تغير نظرة المجتمع عن الثقافة على البعض من المهتمين بها الخروج من قوقعتهم وأبراجهم العاجية وتقديم محتوى يحافظ على العمق الفكري في صورة مبسطة وينقل المعارف والخبرات الثقافية بطريقة ذكية تلائم روح العصر ويكون لها صدى قوي في نفوس الآخرين مما يحدث أثراً إيجابياً عبر التفاعل النشط.
قيل أن كل صاحب مهنة يود أن جميع الناس في نفس مهنته ولكن ربما أن الثقافة ( الفكر والأدب والسلوك) لا ينطبق عليها هذه المقولة لإن كل إنسان بالفعل هو لديه حصيلة ثقافية ومنهجية تفكير وسلوكيات متوارثة أو مكتسبة أو بمعنى آخر، الثقافة هي أسلوب حياة تتوحد في مجتمع وتختلف مع الأفراد في تعاملهم معها وبناء على النظر إلى أنها أسلوب حياة فلا غرابة لو قلنا أن كل الناس مثقفين ولكن على درجات مختلفة ويبقى جمال التنوع في تناغم تلك الدرجات مع بعضها لا أن يُوُجد صراعاً يؤجج دون مخرجات فكرية أو نتائج ملموسة.
قد تكون هناك مؤسسات ثقافية فيها مناشط كثر وإقبال أكثر وقد تكون هناك توجهات نحو ثقافة رقمية مؤثرة في العالم ومع ذلك لابد أن نتذكر أن الطريق إلى ألف عقل يبدأ بفكرة.. فكرة واحدة قد تساهم في نهضة ثقافية لجيل بكامله.