عبدالله الينبعاوي_الرياض:
أدى تصاعد أزمة جائحة كورونا إلى تسارع الإعتماد في المملكة العربية السعودية على منصات الحوسبة السحابية خاصة أثناء فترات تفشي الوباء، حيث تسعى الشركات إلى نشر التطبيقات والأدوات والخدمات المناسبة للعمل عن بُعد، إلا أن نشر خدمات الحوسبة أصبح أكثر إلحاحا بفعل العديد من المعطيات الجديدة .
يوضح محمد أبو الحوف ، المدير العام للسعودية والبحرين بشركة نوتانكس ، الأسباب الثلاثة وراء استمرار الشركات في المملكة فى نقل مزيد من أعمالها إلى المنصات السحابية، وما سيؤدى إليه هذا من تغيير في طريقة التفكير للطرق و الآليات التي يجرى بها إدارة الأعمال التقدمية.
و بنظرة عامة على مجريات الأمور فى القطاعات المختلفة التي تستخدم تقنية المعلومات الآن لم يعد سرًا، أن الحوسبة السحابية أنقذت العديد من الشركات من خلال توفير طريقة آمنة وأكثر إحترافية لمواصلة أعمالها خلال فترات الحجر اثناء جائحه كورونا ، حيث أتاحت للعديد من الشركات أن تسير أعمالها بطريقة أكثر مرونة ودقة من خلال منصات العمل عن بعد، والتي ستستمر فاعليتها حتى بعد إنتهاء الأزمات و ستكون الخيار الأمثل لدى متخذي القرار .
وهذا يعني إستمرار الحاجة إلى الإنتقال المستمر إلى الحوسبة السحابية، غالبًا كجزء من ممارسة إستراتيجية أشمل لنقل الأعمال ، أفاد تقرير حديث أصدرته شركة جارتنر للأبحاث التقنية أن 45 بالمائة من حجم الإستثمار في البنية التحتية والتطبيقات وخدمات تعهيد الأعمال سينتقل إلى السحابة بحلول عام 2024، يعد هذا نموًا في الإستثمار في خدمات البنية التحتية السحابية الذي بلغ 63 مليار دولار في عام 2020 وبلغ 81 مليار دولار في العام الذي يليه ، مقارنة بـ 44 مليار دولار العام الماضي، وفي غضون ذلك، يشهد مركز البيانات التقليدي إنخفاضًا حادًا، حيث إنخفض الإستثمار بنسبة 10 بالمائة إلى 188 مليار دولار في عام 2019، وننتظر الكثير في المستقبل مما يعكس التطور تجاه مزيد من الإعتماد على المنصات السحابية بشكل أكبر.
يقول إد أندرسون، المحلل و نائب الرئيس في شركة جارتنر “إن نسبة الاستثمار في تقنية المعلومات التي يجرى تخصيصها للسحابة ستتسارع كثيرًا في أعقاب أزمة كوفيد-19، حيث تتطلع الشركات إلى تحسين الكفاءات التشغيلية”, علاوة على اتجاه عدد التطبيقات والخدمات الموجودة في أماكن العمل إلى الانخفاض بشكل ملحوظ .
أسباب التغيير:
يعد إنخفاض تكلفة العمل من خلال منصات الحوسبة السحابية مقارنة بآليات العمل التقليدية من أبرز الدوافع التي أدت إلى زيادة اعتماد الشركات على الحوسبة وكانت المرونة المالية التى وفرتها السحابة بمثابة البطاقة الرابحة للشركات ، وهذا بدوره وفر لمستخدمي السحابة إمكانية تجربة أكثر الأفكار تطورا بتكلفة منخفضة جدًا وبسرعة كبيرة و مميزات عديدة.
لكن الأمور تغيرت الآن للأفضل , فوصل إقتناع وتقبل الشركات بالحوسبة إلى أنه قد ينتهي بهم الأمر إلى دفع المزيد مقابل الخدمات السحابية بمرور الوقت بدلاً من الاعتماد على الخدمات التقليدية لتقنية المعلومات ، لكنهم يقبلون ذلك كسعر يستحق الإنفاق وذو قيمة مضافة ملموسه وهناك ثلاثة عوامل تقود الموجة الثانية من قبول السحابة أو ما تسميه شركة جارتنر “الانتقال السحابي”، هي المرونة والحماية والذكاء الإصطناعي دعونا نلقي نظرة عليها واحدة تلو الأخرى.
• سرعة الإنتقال في الأوقات المضطربة، تحتاج الشركات إلى أن تكون لديها القدرة الكاملة على تجربة كل الاتجاهات وتغيير الإستراتيجية بسرعة وطلب زيادة وتقليل السعة على “حسب الحاجة”, فحتى تجار التجزئة في الشوارع العامة أصبحوا يعتمدون على الإنترنت في تقديم خدماتهم وأصبحت المطاعم تعتمد كليا على خدمات التوصيل فقط، وتحولت معظم الاجتماعات من وجهًا لوجه الى مكالمات على برنامج زووم ، فأصبح هناك نمذجة فعلية لسيناريو “ماذا لو” المعقد للتغيير الاستراتيجي ..كل هذه أمثلة على سبب أهمية الانتقال السريع بمرونة فائقة وسعة معقولة وهذا ما تستطيع فقط الخدمات السحابية أن توفره .
• الحماية و الأمن المعلوماتي ، كان ينظر إليها في الأصل على أنها نقطة ضعف للسحابة، وقد انقلب الوضع بعد ذلك ، فقد أمكن لعدد قليل من الهيئات حماية نفسها فعليًا كمزودي الخدمات السحابية الذين يديرون عدد من أكبر مراكز البيانات حول العالم، ولديهم رؤية لكل تهديد وارد يمكن التنبأ به و التعامل معه ومراقبة أي سلوك مشبوه ويمكنها تحمل تكاليف توظيف مجموعات من الخبراء في مجالاتهم. كل هذا يعني أن مفهوم الحماية تحقق بشكل كبير على السحابة .
• الذكاء الاصطناعي ، حيث تعمل الحوسبة السحابية كنقطة إنطلاق للشركات التي تسعى إلى تجربة أشياء جديدة وتوفر الأدوات وقوة الحوسبة المرنة والبنية التحتية للقيام بذلك، فعلى سبيل المثال من خلال منصة جوجل السحابية فإن الذكاء الاصطناعي يفتح الطريق للوصول إلى حزم الحلول الجاهزة والأدوات الخاصة بالمطورين، وعلى الرغم من أن معدل تقدم الذكاء الاصطناعي لا يتناسب مع الضجة المثارة حوله ، لكن معظمنا يوافق على أنه أحد أقوى التقنيات التي يمكن نشرها خلال السنوات القادمة لأتمتة وتسريع عملية إتخاذ القرار والإبداع والإبتكار في الأفكار المطروحة للتنفيذ .
هذه العومل الثلاثة تقود وبشده نحو المزيد من الاعتماد على الحوسبة السحابية و يبقى التساؤل أي نوع من الحوسبة نقصد ؟ أعتقد أنه من الحتمي أن تقوم الشركات بتشغيل العديد من السحابات من أجل تجنب فترة التوقف أثناء الحظر؛ ليكون لديها القدرة على تغيير أعباء العمل بمرور الوقت عند الحاجة ، سيؤدي استخدام أكثر من منصة سحابية إلى دعم التعاطي مع الكوارث وتخطيط وضمان استمرارية الأعمال أثناء وفى ظل التعافى من الأزمات المختلفة ، وسينتقل تركيز الاهتمام الجديد بعيدًا عن السحب الفردية للعديد من الخدمات مما يوفر سرعة أكبر فى أداء الأعمال و كأنك تنتقل من الحصان الى الطائرة ، مما يوفر طريقة لمدراء تقنية المعلومات للإدارة عبر واجهات متعددة والتنقل السلس بين الخدمات السحابية المتعددة للحفاظ على مرونة العمل واستمرار العمليات التشغيلية بسلاسة .
بالطبع، لن يحدث هذا بين عشية وضحاها. ستستغرق هذه التغييرات سنوات عديدة ولا ينبغي الاستهانة بالتحديات التي ستواجه تحديث العمليات و من المحتمل أن تستمر معظم الشركات المؤسسية في المملكة العربية السعودية في تشغيل بعض العمليات من مراكز بياناتها لفترة من الوقت حتى الآن، لكن ستتمتع الشركات التي تعمل وتستطيع التنقل بين الخدمات السحابية المختلفة بسرعة وبيئة أكثر أمنا ودقة عالية فى الأداء وسيحظون بأفضل وضع لاستعادة مكانتهم أولًا وتحقيق الازدهار والتطور ، بغض النظر عما سنواجهه من تحديات هذا العام 2021.