قارعة الطريق

عبدالعزيز عطية العنزي

ها هي ترحل بعيداً تمشي في طريق مظلم يسكنها الخوف فالجميع يرقب خطوتها
هنا وهناك تسير ولا تدري إلى أين؟
المهم أن تجد طريق يذهب بها بعيداً إلى ما لانهاية.
و عندما تبتعد عن عيون الناس يعتريها الخوف وتعود من جديد

حتي بدأت الرياح تعصف بالمكان .. ولا تعلم أين هي ولا تجد عيون ترقبها
الخوف يملأ أركان قلبها
و لكن هذا هو المحتوم
تسرع في خطواتها
تسأل نفسها أين أنا.. أين؟
تجد أنها في صحراء بعيدة
تسمع من بعيد أصوات مخيفة تهرول مبتعدة لتجد طريقا مهجورا
تمشي وعينها هنا وهناك
تتسائل إلى أين يذهب بي هذا الطريق؟
هاهي تبتعد أكثر وأكثر .. فجأة ترى
هناك بعيداً محطة للقطار قديمة مهجورة الطيور تحوم حولها
يزداد الخوف وتستمر بطريقها
عينيها تلمح كوخ صغير تحيط به الأشجار
يا الله أين أذهب وإلى أين يذهب بي هذا الطريق؟

بدأت تبكي أين تذهب؟
وبينما هي عالقة على قارعة الطريق
تتفاجأ بيد تمتد إليها و كأنها تقول تعالي إلى عالمك الجديد
عالم الراحة و السعادة
عالم مختلف لاحزن به و لاهم و لا جراح
سمعت الكلمات وابتسمت فهذا هو ما تبحث عنه..
ذهبت مع هذا الغريب ونسيت أن تسأله من أنت وكيف وصلت إلي؟
ذهب بها بعيدا إلى مدينة تعج بالأنوار وبالرقص في كل مكان
أدخلها غرفة كبيرة قال: هي لك
هيا استبدلي ملابسك بملابس تليق بعالمك الجديد
غمرت الفرحة قلبها وانتشت روحها، أخذت تتنقل بين زوايا الغرفة
تقلب كل ما تجد فيها لتجد بها ملابس مختلفة الأوان والأشكال وتحف وهدايا تملأ أركان الغرفة
تعبت فاسترخت على سرير من الديباج والحرير
أفاقت من نومها لتجد مجموعة من الشباب والشابات
كل منهم يناديها هيا تعالي معنا نمرح ونسعد في أيامنا المتبقية
أخذها الحماس وبدلت ملابسها ووضعت المساحيق
يا إلهي! ملابسى جميلة وقصيرة وعارية هذي حريتي التي أبحث عنها.
ذهبت معهم لمكان الرقص والموسيقى وكؤوس من جميع الألوان
بدأت تغني وترقص ، تحاول أن تنسى عالمها القديم و تستبدله بعالم جديد مختلف.
وجدت فيه الإغراءات من كل صوب ، ونسيت أنها أنثى ذات يوم
وتمر بها الأيام يوما بعد يوم ، وتسأل عن صديقتها أين منال التي كانت معنا بالأمس؟ ضحك الجميع
ذهبت إلى عالم آخر جديد
قالت ومتي سأذهب أنا أيضاً إلى ذلك العالم الجديد
قالوا قريبا استمري هنا حتي يأتي الوقت ،
تمر الشهور وهي مازالت لا تعي ما يحدث حولها وكل فتره تغيب صديقة وتأتي صديقة جديدة
و ذات يوم و بينما هي في غرفتها تتأهب للذهاب نادتها صديقتها تعالي هنا قليلًا كي أخبرك أين رحلت صديقاتنا ؟
نحن في عالم لا يرحم ، هل تريدين حقا معرفة أين هن الآن ؟
قالت نعم قالت صديقتها إنهن في عداد الأموات..
بعد أن يكتفوا منهن يتم رميهن على قارعة الطريق وهذا هو مصيرنا أنا وأنتِ وكل من تأتي إلى هنا
هنا صمتت برهة ثم صرخت لماذا لماذا؟
قالت صديقتها لأننا اتبعنا هوى أنفسنا ،ووجدنا من يغرينا و يشجعنا
و نحن لا ندري أننا عشنا عالمنا ونحن نحفر قبورنا بيدنا
صديقتي الغريبة هيا لنعود إلى عالمنا الحقيقي هذا عالم مزيف عالم أسود حالك لانور فيه ، الأنوار التي هنا أنوار كاذبة ..
هيا ياصديقتي فلنذهب نموت بعيداً عن هذا المكان
أعادتها إلى غرفتها
وارتدت ملابسها القديمة نظرت للمرآة تخاطب نفسها قائلة نعم هذه أنا..
انطلقت هي وصديقتها إلى قارعة الطريق من جديد ولكن هذه المرة لتعودا إلى عالمهما الحقيقي، عالمها الذي تربت على ابتساماته الحقيقية ، عالم لا يوجد به زيف أو خداع
ما أجمل عالمنا الذي تربينا فيه!

 

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

[ شمس البردة ]

شعر/ منصور جبر ‏الله أكبر فاشهدوا الترديدا شمسٌ بمكة آذَنَتْ تجديدا والكونُ هَلَّلَ زاهيا مستبشرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.