التقليد الأعمى

بدرية بنت حمد السيابية

انتشرت في الآونة الأخيرة  بعض الفيديوهات، حيث يقوم بعض الأفراد بإقامة حفلات أعياد الميلاد لأولادهم أو أصدقائهم ويمسحون الكيك في وجوههم أو يرمون الطعام في وجوه بعضهم البعض وكأنهم يلعبون بالثلج بكل مرح، وغير من يحتفل في الأماكن العامة كالحدائق أو مقر العمل، فتعلو الأصوات والاختلاط بين الجنسين يحتفلون مع كوكتيل من المفاجآت  وأهمها أخذ  بعضا من “الكعكة” المُعدة للحفلة ووضعها على خد صاحب المناسبة، أو تلطيخ الوجه كاملاً وهكذا يتم انطفاء شمعة ميلاده _ سبحان الله ـ أيُعقل أننا وصلنا لهذه المرحلة من الاستهتار بنعمة الله ؟!

وهي ظاهرة تم تداولها وتقليد هذه التصرفات في مجتمعنا وللأسف الشديد كثُرت هذه المشاهد بين جيل الشباب، ولا نعلم إلى أين المصير من هذا الفعل غير المقبول في مجتمعنا قال عز وجل: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾[4] فجعل سبحانه وتعالى الشكر عنواناً للحفظ والزيادة.

من واجبنا الحفاظ على نعم الله ولا يجب علينا أن نقلد هذا التقليد الأعمى، أين ذهبت العقول؟ أين ذهبت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف؟ أنتبع ملذات الدنيا ولا نعمل حسابا ليوم الدين؟
فإني أستغرب من تصرفات بعض الناس وهم يعلمون بأن هذه التصرفات خطأً ولكنها ما زالت مستمرة في تفنن، بعض التصرفات غير المقبولة بيننا، ألا حان وقت الاستعبار بما يدور من حولنا فقد كثرت الأمراض، وكثر الموت وفقدان الأحبة، وكثرت الخصومات بين الناس، وقل التواصل بينهم، لنقف قليلا ونفكر بما فعلته أيدينا وما فعلناه بأنفسنا ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11] ما أسبغ عليهم من عافية ونعمة، فيزيل بذلك عنهم، ويسلط عليهم عقابه، ويصب عليهم سوط عذابه؛ حتى يغيروا ما بأنفسهم من شكر نعمه بإخلاص عبادته وحسن طاعته، والوقوف عند حدوده، والانتفاع بوصاياه ومواعظه.

فأنت عندما تعرض وتنشر هكذا فيديو، ألم تفكر بأن هناك أناساً لا يوجد لديهم طعام ولا مسكن؟ ألم تحس بآلامهم ومعاناتهم وأنت تتباهى بما أنعم الله عليك من نعم وترمي الطعام هنا وهناك؟ 

شخصياً أتألم كثيراً لرؤية هكذا مشاهد، أنا هنا لا أحاسبكم بما تفعلوا ولكن اتقوا الله بما تفعلونه فهناك من ينظر إليكم من سابع سماء “الله سبحانه وتعالى” ونحمد الله على كل النعم حتى لا تزول عنا ونندم أشد الندم، وهب الله العباد العديد من النعم في حياتهم التي لا تحصى ولا تعد كما جاء في قوله تعالى {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وواجبنا نحو هذه النعم يتمثل في ضرورة الحفاظ عليها، إما عن طريق حسن استخدامها بِالكيفية التي خلقها الله من أجلها، هذا بالإضافة إلى شكر الله والثناء عليه باستمرار حتى يبقيها في حياتنا دون أن يمنعها عنا.

لنجعل مسافة أمان بيننا وبين التقليد الأعمى الذي لا ينفع في مجال حياتنا، لنجعل لأنفسنا مساراً نسير عليه وفق منهج ديننا الحنيف وبما أمرنا به رسولنا الكريم وفق ما كتب في المصحف الشريف قولاً وفعلاً، وإذا أحببنا التقليد فنقلد الشيء الإيجابي المنتفع به ولا نقلد شيئاً ينقلب ضدنا، ولنحمد الله حمدا كثيراً طيباً مباركاً.

عن سمر ركن

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.