بقلم:
إبراهيم العسكري
عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يارسول الله من أحب عباد الله إلى الله ، فكان الجواب مغاير لكل التوقعات حينما قال:
“أحسنهم خلقآ. وكما قال صلى الله عليه وسلم بصيغة التفضيل.
اعتدت الترحال في فصل الشتاء أسبوعيآ من أبها إلى تهامة والعكس وفي نهاية الأسبوع الماضي في منتصف طريقي توقفت عند امرأة وابنها وهما من موطني الغالي ومن أبناء مجتمعنا القروي فأمام المرأة طاولة متوسطة الحجم وقد زينتها بمفرش جميل وتحوي حافظات حفظ الطعام بأشكال متفاوته في الأحجام وضعت بشكل جميل وملفت وبجوارها طاولة الأبن تحمل حافظات الخبز والحلوى والمعجنات وترامس الشاي..!!
كنت قبل الاصطفاف بجوار تلك الطاولتين أقف خلف سيارة بها عائلة تود أن تشتري من تلك المرأة وابنها ولكن الطرفين اطالا تبادل الحديث بين النسوه ثم تقدمت بعد مغادرة سيارتهم التي مكثت مايزيد على خمس دقائق ..!
فقلت للبائعة وابنها المجاور لها.
السلام عليكم.ثم أردفت لهما هل يباع عندكم خبز بر بلدي؟
فقالت:وهي بكامل حشمتها وحجابها وعليكم السلام والرحمة وبي عنك ياوالدي اعتذر منك للتأخير الذي حصل ممن كان قبلك فنحن نريد أن نرضي الجميع.
ثم قالت فضلآ كرر لي ماذا كنت تريد..!
قلت اريد خبز بر بلدي وكأس شاي خفيف الحلا.
قالت: بلهجتها ابشر طلبك موجود من الخبز.
اما الشاهي فعند ابني وعلى الفور رد لي الابن ذو الثمان سنوات تزيد أو تنقص قليلآ أبشر يا والد.
كيف تريد الحلا. معتدل أم خفيف فقلت: خفييييف.
قال :حبق أو نعناع
قلت: حبق.
ناولني كوب ورقي للشاي مع ابتسامة جميلة ويبدو أنه مدرب على فن التعامل فقال لي معك حق ياوالد أن تطلب خفيف الحلا أو بدون فحلاك لايحتاج زياده..!!
لا أخفيكم من فترة طويلة لم اعتد على لغة التخاطب في البيع والشراء بهذا الأسلوب الراقي فصدقت الولد بأنني أتصصب حلا وملحا، وشعرت ببعض الخجل حينما اعتبرهما أغراب،لكنهما بمقام الأهل فقد اذاب الابن الثلج سريعآ بأسلوبه رغم صغر سنهن فحينما ارى ذلك الفتى معين لأمه يدا بيد علمت أنه تعلم الأدب ولغة الحوار من أسرة مصونة كونه مبادر بالابتسامة وحسن الخلق ، فهو يبيع إلى جانب الأم أنواع من الكيكات والمعجنات وبعض المكسرات مع الشاي والقهوة ، فكان منظر الابن وامه تكميلي باحتراف وهما يتحدثان للزبون بكل اعتزاز وثقه حينما اعتبراني بمقام الوالد لهما فلم يكن بد أن ارد بإحسان لأعتبرهما في مقام اسرتي بفارق السن الذي يفوق الضعف للأم وأعتقد جازمآ أنهما لم يلجأن للبيع هي وابنها إلا للحاجة الملحة..!!
أعطياني الطلب وكررت الأم الاعتذار للتأخير ممزوجآ بكلمات عفوية قروية تدل على منبع تربية إسلامية عريقه ، وليست ابدآ سوقية أو مجاملة لتمرير تسويق منتجاتهما..!
فضلآ. لا يأتي أحد هنا ليقول كلام المرأة عورة..!!
فهذا غير صحيح لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع أصوات النساء وكن يسألن الرسول ويجيبهن في حضور بعض الصحابة وفي حدود معينة.
قبل مغادرتي المكان شكرتهما ثم رأيت من واجبي بمكان الأب أن أقول للأم يا بنتي المصونة ضيقي لغة الحوار في حدود ، ولتكوني غامضة وأنيبي ابنك فقد يأتيكما ذئاب بشرية تسيء الفهم..!
قلت ذلك من باب الحرص على حماية عفافها الذي لا أشك فيه أبدآ.
ولكن لا إفراط ولا تفريط لئلا يطمع الذي في قلبه مرض..!!
فردت بقولها صٓدّقت وابشر يا والد ثم أضافت وليتها لم تفعل لا تخاف فأنني اعرف من اخاطب.
فدهشت حينما أخذت مع طلبي السفري قصفة في الجبهة كما يقال ثم غادرت المكان ..!!
في الطريق بدأ بي الفكر مالذي دعا هذه الأسرة للبيع.
ثم اجابنى إنها الحاجة يا فهيم.
طيب هل الكلام الذي قالت الأم والأبن طبيعي ام لا..!
هنا أحاول إقناع نفسي أن لدي خلل حينما لم استوعب فهو طبيعي جدآ.
فأعود للنفس اللوامة لأقول ربما أعاني من جفاف لغة التخاطب في بعض مجتمعاتنا كما يجب ، فلم اعتد على ذلك إلا في إطار محيطي الأسرى فقط بينما الدين الإسلامي يحث على حسن التعامل وحسن الخلق مع الجميع ..!
ومن هنا أؤكد للجميع ليس هذا والله دعوة للانفتاح الغير ملائم وأبرأ لله من ذلك فيما لو يعتقد الآخر بسوء فهم.
ولكن ربما بعض المواقف طرأت بمجتمعاتنا مؤخرآ ولم نعتادها دعت لعمل المرأة فنراها بزوايا ضيقه خلاف الواقع فنحجر واسعآ..!
واخيرآ ياسادة يا كرام..
الاعتدال مطلب في الأخذ والعطاء لنحرص جميعآ على عفة بناتنا واسرنا في بلدنا الغالي والنساء اللواتي ربما أجبرن لنيل لقمة العيش بشكل مختلف جدآ..!!