روافد ـ متابعات
أكّد معالي مدير مركز المعلومات الوطني في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عصام بن عبدالله الوقيت أن الرياضة اليوم لم تعد مجرّد منافسات، بل باتت صناعة إستراتيجية ذات أبعاد اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وهو ما يتجلى بوضوح في رؤية المملكة 2030، التي تُعدّ فيها الرياضة محرّكًا رئيسيًا لجودة الحياة، وتمكين الشباب، وتعزيز التواصل مع العالم.
وأوضح خلال مشاركته اليوم في جلسة ضمن منتدى الاستثمار الرياضي أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يحدث دورًا إيجابيًا في القطاع الرياضي بمختلف جوانبه، مؤكدًا أهمية استثمار قدراته وتسخيرها في ظل استضافة المملكة لعدد من الفعاليات والبطولات الرياضية الكبرى، وتخطيطها لاستضافة أحداث عالمية مقبلة مثل دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 وكأس العالم 2034.
وأبرز معاليه في حديثه الإمكانات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، ودوره المحوري في تعظيم العائد من الاستثمارات الرياضية وضمان استدامتها، من خلال تحليلاته الدقيقة التي يوفرها وتدعم صنّاع القرار في تقييم البنية التحتية، وصفقات الرعاية، والبرامج الرياضية المجتمعية، بما ينسجم مع أهداف التنويع الاقتصادي للمملكة وفق رؤية 2030.
وشدد على أهمية إسهامات الذكاء الاصطناعي في قياس الأثر الاجتماعي للرياضة، من حيث تعزيز أنماط الحياة الصحية، وتقوية التفاعل المجتمعي، وتوفير فرص العمل، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار، ويتيح تحليل مؤشرات المشاركة وبيانات البث، ومن خلاله يمكن تحديد المجالات التي يقل فيها تمثيل شرائح معينة من المجتمع، بما يمكن من تنفيذ مبادرات موجهة لتعزيز التكافؤ في الرياضة، وبما يضمن نموًا أكثر توازنًا واستدامة لهذا القطاع.
ولفت معاليه النظر إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وتسخير قدراته في القطاع الرياضي تدعم من تبنّي إستراتيجيات استثمارية أكثر ذكاءً، لكي يكون القطاع الرياضي قطاعًا مربحًا ومستدامًا ومؤثرًا، مفيدًا أن المملكة تسير بخطى متسارعة نحو تصدّر المشهد كوجهة رياضية عالمية، واستضافت أكثر من 100 فعالية دولية منذ عام 2019 حتى 2024، وجذبت نحو 2.5 مليون سائح، وأن الذكاء الاصطناعي يعد من أبرز ركائز التمكين لهذا التحول، إذ أسهم في تعزيز تفاعل الجماهير على نحو غير مسبوق على الصعيدين المحلي والدولي، ومكّن من تعزيز تفاعل الجماهير مع الرياضة عبر محتوى يتم تخصيصه وفق الاهتمامات، من خلال تجارب تفاعلية، وتحليلات آنية عبر الذكاء الاصطناعي.
وتطرّق معالي الدكتور عصام الوقيت إلى الدور التجاري للذكاء الاصطناعي في تطوير نماذج أكثر تقدّمًا للرعاية الرياضية، وتحقيق الإيرادات المثلى، مبينًا أن الذكاء الاصطناعي يساعد على فهم اهتمامات الجماهير وتحليل سلوكهم، ويدعم رعاية الفعاليات الرياضية للجهات المنظِّمة من حيث تحديد فرص الرعاية المناسبة، وتحليل بيانات الخصائص الديمغرافية للجماهير الرياضية، وعاداتهم الشرائية، بما يمكن للشركات اختيار الفعاليات الرياضية الأنسب لرعايتها.
وقال: “إن توظيف الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز الاستثمار في المدن الذكية لإمكاناته المتقدمة في تحسين إدارة الحشود، وتسهيل تنظيم الفعاليات، وتقديم تجارب أكثر سلاسة للجماهير، مستشهدًا في هذا السياق، بالتطبيق الوطني الشامل “توكّلنا” الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدم، والتواصل، والدعم من خلال شراكته مع منصة “وي بوك” لتسهيل عملية شراء التذاكر، بما يمكّن الجماهير من الحجز والشراء والاطلاع عليها مباشرة عبر التطبيق.
وأضاف معاليه أن المملكة ملتزمة بتبنّي الذكاء الاصطناعي المسؤول، القائم على العدالة، والشفافية، وبناء الثقة، مشيرًا إلى دور الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” في وضع أطر الحوكمة التي تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، ويجب أن يظل الذكاء الاصطناعي أداة تمكينية للقرار البشري، لا بديلًا عنه، لا سيما في المجالات الحساسة، كالرعاية الصحية والخدمات العامة، والتحكيم الرياضي، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي من دعم القرارات، عبر تحليلات لحظية تساعد على اتخاذ القرارات.
وأفاد بأن المملكة أرست أساسًا قانونيًا متينًا لحماية المعلومات الشخصية، من خلال تطبيق نظام حماية البيانات الشخصية، مبينًا أن “سدايا” تعمل في هذا الصدد على ضمان امتثال أنظمة الذكاء الاصطناعي لهذه اللوائح، عبر تبنّي منهجية “اعتماد الخصوصية كجزء أساسي من التصميم”، مع الاستمرار في دعم الابتكار.
وختم معاليه بالإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي وإمكاناته تمتد في المجال الرياضي لتدعم مجال تطوير المواهب، من خلال ما يوفره من تحليل إحصائيات اللاعبين، والتعرف على أنماط الحركة وتحديدها، وحتى الميكانيكا الحيوية، مما يعني أن الرياضيين بفعل الذكاء الاصطناعي يمكنهم التدرب بذكاء، لا بالجهد فقط، كما يمكن اكتشاف المواهب الوطنية الصاعدة في وقت مبكر، وتقديم الدعم اللازم لهم ليصبحوا منافسين على مستوى عالمي.