بسطات رمضان في المدينة المنورة: أجواء روحانية ونبض اجتماعي

المستشار / هاني زكي الفل

مع حلول شهر رمضان المبارك، تنبض المدينة المنورة بحياة مميزة تعكس روحانيته وأصالته، ومن أبرز معالم هذا الشهر الفضيل انتشار البسطات الرمضانية التي تضفي لمسة اجتماعية وتراثية فريدة على شوارع المدينة وأحيائها.

تمثل البسطات الرمضانية جزءًا أصيلًا من العادات والتقاليد المدينية، حيث تصطف على جنبات الطرق، خصوصًا في المناطق القريبة من المسجد النبوي وأحياء المدينة العريقة،

إلى جانب ممرات مشي واسعة، مما يضفي بعدًا إضافيًا من النشاط والحيوية على أجواء رمضان. فمن خلال ممشى العيون وبني مهزور وشارع ساري وغيرها من الشوارع الراقية، يجد الناس فرصة للاستمتاع بنزهة هادئة تحت أضواء المدينة المتألقة، يتبادلون أطراف الحديث ويستشعرون روحانية المكان. هذه الممرات ليست مجرد طرق للمشي، بل هي ساحات للتجمع والترفيه، حيث يمتزج عبق التاريخ مع الحداثة في لقاء فريد يعبر عن تراث المدينة وحب أهلها للتواصل الاجتماعي، مقدمةً لاهل المدينة وللزوار والمقيمين تشكيلة واسعة من الأطعمة والمشروبات الرمضانية. تجد فيها أطباقًا مثل البليلة الحجازية، وهي مزيج لذيذ من الحمص المسلوق المتبل بالخل والبهارات، والتي تعد وجبة خفيفة غنية بالنكهات والمحببة للصغار والكبار.

كما تعد البطاطس المقلية من الأطباق الأكثر رواجًا، حيث تقدم مقرمشة مع الصلصات المتنوعة التي تجعلها خيارًا مفضلًا لمرتادي البسطات. أما لمحبي الحلويات، فالبسطات تقدم البسبوسة الطرية المغمورة بالشيرة، والتي تُعد من أكثر الحلويات التي تزين موائد الإفطار والسحور.

لا تقتصر البسطات على تقديم الطعام فحسب، بل تعد ملتقىً للأسر والأصدقاء الذين يجدون فيها فرصة للتلاقي بعد صلاة التراويح، حيث يتشاركون الأحاديث في أجواء تملؤها الألفة والمحبة. ينجذب إليها الكبار والصغار، فالأطفال يستمتعون بشراء الحلويات والألعاب البسيطة، بينما يتجول الكبار بحثًا عن الذكريات المتجددة مع كل طبق وحكاية.

إلى جانب قيمتها التراثية والاجتماعية، تعد البسطات الرمضانية فرصة اقتصادية للكثير من الأسر وأصحاب المشاريع الصغيرة. فالشباب والشابات يبدؤون مشاريعهم الموسمية، مستثمرين هذا الشهر في تقديم منتجاتهم للزوار. كما تشكل مصدر رزق للكثير من العمال الذين يعملون على تجهيز وبيع المأكولات والمشروبات، ما يسهم في دعم الحراك الاقتصادي المحلي.

وتحظى البسطات الرمضانية في المدينة المنورة باهتمام الجهات المعنية، حيث يتم تنظيمها بشكل يراعي معايير النظافة والسلامة، مع توفير مساحات مخصصة تمنح المتسوقين تجربة ممتعة وآمنة. وفي الوقت نفسه، تظل لهذه البسطات لمستها العفوية التي تعكس الطابع الشعبي الأصيل للمدينة المنورة، مما يضفي عليها سحرًا خاصًا.

تظل بسطات رمضان في المدينة المنورة جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي لهذا الشهر الكريم، حيث تجتمع فيها رائحة التوابل مع دفء اللقاءات العائلية، وتمتزج فيها بركة الشهر الكريم بفرحة التجمعات الشعبية. إنها صورة حية لرمضان، حيث البساطة والروحانية والفرح في قلب طيبة الطيبة مدينة السلام

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

البيت الرمضاني

بقلم/ مشاري محمد بن دليلة كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية عندما يطل علينا هلال رمضان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.

What do you like about this page?

0 / 400