حمساء محمد القحطاني _ الافلاج
ما أقسى أن ترى طفلاً صغيرًا لا يتجاوز عمره العشر سنوات يحمل على كتفيه ما لا تحتمله أرواح الكبار.
عينيه تلمعان بشيء أثقل من الدموع، وصدره يضيق بأنين يخنقه لكنه يأبى أن يبوح. يصمت طويلًا، يهرب بنظراته، ثم حين تأتيه كلمة “وش فيك؟
” يهتز جدار الصمت الذي بناه حوله، وينهار تحت وطأة السؤال.
يحاول أن يخفي جرحه بكذبة صغيرة، تناسب طفولته، لكنها لا تستطيع أن تخفي عمق الألم الذي نحت في قلبه أثراً أكبر من سنوات عمره.
هذا ليس مجرد وجع عابر؛ إنه صراع بين طفولته التي تبحث عن الأمان وبين وجعه الذي صنع منه رجلًا صغيرًا قبل أوانه.
كأنه يحاول أن يصرخ لكنه يخشى أن يسمعه أحد.
كأنه يهرب من ضعفه لكنه في الوقت نفسه يتمنى أن يجد من يلاحقه، من يلتقط كلماته غير المعلنة، ويقرأ ما بين سطور دموعه المكتومة.
يا لهذا الألم الصامت… الذي يُقال في نظرة، ويُسمع في تنهيدة، ويُلمس في كف صغير يرتجف لكنه يتظاهر بالقوة.