أميرة المغامسي.
أي نجاح لمنظومة عمل قادرة على خلق بيئة تعايش بين أفرادها ، فالجهد فيها مشترك ، ومن المؤكد أنّ رئيسها ذو مهارة قيادية عالية ، لديه براعة في تفويض المهام بشكل فعّال ، كلٌ حسب كفاءته ، لا يعمل منفردًا لأجل سمعة أو منصب ، ولن يُحابي أشخاص معنيين لمصالح مشتركة وامتيازات غير مستحقة ، إنما يعمل ضمن فريق متجانس ، هذا الفريق أساس بناء المنظومة ، ومما لاشك فيه مع وجود العائد المادي والحوافز والمزايا ستُبهر بالابتكار والإبداع ،غير المستوى العالي من الإنتاجية .
في المقابل لك أن تتخيل منظومة عمل لفريق تحت إدارة ومنظمة رسمية ، الجميع يتشارك في طرح الأفكار النوعية ، ذات معايير جيدة ، تُدرس وفق منهجية معدة من التخطيط والتنظيم ، عمل مؤسسي لأجل الخير ، لمنح المعروف ، خدمة مجتمع !! لا مقابل مادي ، جو عمل فيه من المتعة ومن الطاقة والحماس ، وذاك هو العمل التطوعي للقطاع الغير ربحي ، مثل ما نراه من الفرق التطوعية المتواجدة معنا في الساحة الميدانية وفي مواسم الحج والعمرة خدمة لضيوف الرحمن وتقديم التسهيلات اللازمة لهم ، كلها سواء تابعة لوزارة الحج والعمرة ، أو مع الجمعيات الخيرية والهيئات والمراكز. غير البرامج والفعاليات لمختلف الجهات الحكومية والأهلية .
أن تعلوَ النفس وتعطي من وقتها وجهدها للأعمال الخيرية فقد تجردت من المباهج الدنيوية والماديات وامتلكت قيم إنسانية ، ولو نظرت لجو العمل فيها رغم مشقته لا ترى فيروسات الحسد والأنانية أو المنافسات الدنيئة ، . إن وُجدت الخلافات فهي على القليل كطبائع بشرية .يسهل التعامل معها .ومع بساطة إمكانياتهم يستمتع كل فرد بمهمته وكأنها ناسبت المزاج والاهتمام .
رؤية المملكة 2030 في العمل التطوعي ساهمت بترسيخ تلك القيم النبيلة فأصبح من الضروري لكل شاب وشابة عددًا من الساعات التطوعية كنقاط قوة لنجاحه ، أثرت في تغير مفاهيمه وأفكاره بشكل إيجابي، وأصبح أكثر تقديرًا لذاته، وشعورًا بالمسؤولية نحو مجتمعه .
العمل الجماعي التطوعي صار عبر منصة تعد بيئة آمنة هي حلقة وصل بين المتطوع والجهة الموفرة للفرصة التطوعية ، يستطيع أن يمارسه كل إنسان قادر على العطاء ، صغارا وكبارا ، شيبًا وشبابًا ، وفي مختلف المجالات ؛ يعطي شعور الرضا ،ويكسبك علاقات ناجحة ، فيه تبادل للأفكار والمهارات ، وتظهر الأبحاث فعاليته كعلاج للاكتئاب وتحسين المزاج خاصة لمن يعانون الوحدة من كبار السن، ومعالج لكثير من الانحرافات السلوكية لدى المراهقين .عدا أنّ له بركة ليست فقط على الشخص نفسه وإنما تعم كل ما يحيطه (بيته ،عمله ، ولده ، ماله …) .
أمر لا يدركه الكثير أن هذه البركة تكون في العمل الخالص لوجه الله سواء عملك بعائد أو دون وفي الحديث ” إن الله لا يقبل من العمل الصالح إلا ما كان له خالصًا وابتغى به وجهه ” رواه النسائي ، فعمل تخرج له دون نية تثاب على جهدك، إنما تمام الأجر و كماله وبركته بنيتك ، أثرها في كل حياتك ،وتلاحظ من وردك اليومي بعد صلاة الفجر ” اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ، ورزقًا طيبًا ، وعملًا متقبلًا ” فاستدرك ما تقوم به من العمل المتقبل ، أيًا كان ولو في طلاقة وجه، سلامة صدر،، جبر خاطر ،كلمة حق ، حتى في حزمك وحسمك، واحترامك للأنظمة واللوائح ، حتى في تعاونك مع فريق عمل يسرك صعوده و إنجازاته التي هي نجاح لمنظومتك . و كل جهد مشترك تُخلص فيه النية داخل المنظومة سيعطي نتاج غير عادي ويصنع مجتمع حضاري مستدام ، و”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه “