حمساء محمد القحطاني _ الأفلاج
في يومٍ من الأيام، كنا نمشي معًا على الشاطئ، نتبادل الحديث والضحك، وننظر إلى الأمواج وهي تتلاعب بالرمال. كانت السماء صافية والشمس تضيء وجوهنا. كان كل شيء يبدو مثاليًا، وكأن اللحظة تُؤكّد لنا أن لا شيء يمكن أن يفرق بيننا.
لكن، فجأة ودون مقدمات، بدأت تلاحظ تغيّرات صغيرة في تصرفاته. لم يعد يجيب على اتصالاتك بسرعة، وأصبح يبدو شارد الذهن في كثير من الأحيان. حاولت أن تتجاهل هذه العلامات، تمنيًا بأن تكون مجرد أفكار عابرة في عقلك.
ومع مرور الأيام، بدأ البعد يتزايد. أصبحت لقاءاتكم أقل، وأحاديثكم تتسم بالبرود. وفي يومٍ حزين، أرسل لك رسالة قصيرة، يخبرك بأنه بحاجة لبعض الوقت بعيدًا عن الجميع، ولم يقدم أي تفسير لقراره.
جلست على نفس الشاطئ الذي كنتم تسيران عليه، تنظر إلى الأفق وتتساءل عن الأسباب. هل فعلت شيئًا خاطئًا؟ هل هناك ما كنت تجهله عن مشاعره أو حياته؟ الأسئلة تتكاثر في عقلك، لكن الإجابات تبدو بعيدة المنال كالأفق.
تمر الأيام والشهور، ويبقى البعد كجرحٍ مفتوح في قلبك. تتمنى لو تستطيع العودة بالزمن، لتفهم ما حدث وتمنعه من الابتعاد. لكنك تعلم في قرارة نفسك أن بعض الأشياء تظل غير مفهومة، وأن عليك قبولها رغم ألمها.
وفي النهاية، تتعلم أن الحياة تستمر، وأن لكل فصل نهايته، مهما كانت مؤلمة.
تبقى الذكريات، وأمل جديد ينمو في قلبك بأن تجد السعادة مجددًا، حتى وإن كان بوجهٍ مختلف.