بقلم الدكتور محمد آدم أبوقرون
كاتب وناقد
التقينا وكأننا غرباء ، لم يعرف أحد منا الآخر ، لاسلام ولا كلام ، حتي العتاب لم نتعاتب ، حتي الآهات لم تكن محبوسة بالوجع، كانت نظراتنا عابرة وسط زحمة ألمّت بنا ، حاولتُ حينها أن أعيد شريط الذكريات ،وكأنها مسحت من الذاكرة؛ فتلك الأيام والسنين التي مرت لم تترك فينا شيئا.
الأديبة ريم العبدلي،
نصّكِ “التقينا” يتحدث عن اللقاء بين اثنين، لكن ما يفاجئنا هو برودة المشهد، وكأن لقاء الغرباء هذا يعكس ما تتركه الأيام والسنين من تغييرات فينا. لقد أظهرتِ ببراعة مشاعر الفتور والتجاهل بعد تجربة مليئة بالذكريات، وكأن مرور الزمن قد مسح تلك الذكريات أو أطفأ وهجها.
ما يسترعي الانتباه في نصكِ هو فكرة الفراغ العاطفي بعد العلاقة، حيث لا عتاب ولا حديث ولا حتى وجع يشعل القلوب من جديد. كل ذلك يعكس حالة من التجرد التام من الماضي، وكأن الشخصيات في النص لم تعش معًا أبدًا، بل مجرد أشخاص كانوا جزءًا من حياة بعضهم البعض دون أن يتركوا أثرًا عميقًا.
الزحمة التي “ألمّت بنا” هنا تبدو رمزًا لتداخل الأوجاع والأحداث في الحياة، تلك التي تجعلنا نتجاوز عنفوان اللحظة ونتقبل التحولات العاطفية دون مقاومة. إنها إشارة إلى ما يفعله الزمن بالقلوب، إذ يمحو ما كان قويًا يومًا ليصبح مجرد ذكرى باهتة.
نصكِ يحمل في طياته تساؤلات عميقة عن مدى تأثير العلاقات الإنسانية بعد أن يمر الزمن، ومدى قدرة الذاكرة على محو ما كان يومًا ما جزءًا منا. في النهاية، نلمس في كلماتكِ حالة من التصالح مع الفراغ، وكأنها دعوة للتفكير في هشاشة الذكريات أمام عجلة الزمن.