بقلم/ بشائر الحمراني
تصل بنا الحياة إلى مفترقات، حيث يطول البقاء على عتبات الوداع، متمسكين بما لم يعد لنا. نحاول عبثًا أن نجدد ما تهشم، أن نعيد إحياء ما مات، ولكن، يأتي ذلك الهمس البارد من أعماق الروح، يصرخ في صمت: “انتهى”.
نقطة الانتهاء ليست قرارًا سهلًا؛ هي وجع يتسرب من شقوق الذاكرة، يسكن بين الضلوع ويثقل الأنفاس. لكننا نعلم في قرارة أنفسنا أن لا مفر، لا رجوع. فالتشبث بالسراب لا يجلب إلا المزيد من الظلال، والمضي قدمًا يتطلب شجاعة أن نقتل ما لم يعد يخدمنا، أن نحفر قبرًا لما كان، ونتركه هناك، دون التفتة وداع.
هذه النقطة ليست مجرد نهاية، بل هي حكمة محروقة بالنار، درس مكتوب بالدموع والندم. إنها صرخة ألم وأمل، تمزق السطور القديمة لتفسح المجال لجملة جديدة، لا نعرف نهايتها بعد، لكنها تحمل وعدًا بأن الحياة بعد الانتهاء، ربما تكون أكثر صدقًا، أكثر نقاءً، وأكثر جدارة بالعيش.
نقطة انتهى، هي آخر ما نكتبه على صفحة، لا تودع الماضي بسلام، بل تحرقه لتضيء طريقًا نحو غدٍ مجهول، لكنه في أعماقنا، غدٌ لابد أن يكون أفضل.