بقلم/مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
عندما يتسائل المرء عن الاستثمار يطرأ في باله تلك الاستثمارات والمشاريع المالية الجذابة، وهذا هو منتهى ماوصلت إليه عقولنا! حتى أصبح الاستثمار في التنمية المالية واقتناص الفرص ذات العائد المالي الكبير هو مانفكر به، لا مشاحة في الاصطلاح ولكن هناك استثمار يجب التنبه له وهو الاستثمار في الأبناء ، انطلاقا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” ، إن الأبناء يعدون من الاستثمار الحقيقي عندما تجتهد في تربيتهم وتعليمهم وتغرس فيهم القيم الإسلامية، فهذا هو الفلاح عندما تربي ابنك على الصلاة والعمل الصالح وبر الوالدين واحترام الكبير وتلاوة كتاب الله وحب الوطن، هذا هو الاستثمار الحقيقي ،
عندما تجعل ابنك هدفاً ومشروعاً تعمل عليه لكي يكون مؤثراً في دينه ووطنه، هذا هو الاستثمار الحقيقي .
رسالة إلى كل أب عظيم لاتستخسر المال في تعليم ابنك فما تغرسه اليوم تحصده غدا ، أيها الأب عندما تخرج كل صباح لتوصل أبناءك للمدرسة أو الجامعة اعلم أنك على أجر عظيم وأنك ركن أساس في تنمية بلدك، وسوف تنمو تلك الشجرة المثمرة ويكون ظلها وارفاً حين يكبر ابنك .ويقول: رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ، أيتها الأم الحنونة شكرا لك على صبرك وتدريسك لأبناءك والاهتمام بتعليمهم هذا من الاستثمارات الحقيقية، هذه الأم العظيمة التي تصحو كل صباح وتستودع الله أبناءها وتنتظرهم بشغف لعودتهم وتساندهم في ما أغلق عليهم وتسهر معهم، وكلما رفعت يدها دعت لهم بالتوفيق ، اعلمي أن الله لن يضيع جهدك وصبرك، يقول الله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه
كما يجلي سواد الظلمة القمر
والعلم يحيي قلوب الحاملين له
كالأرض تحيا إذا مامسها المطر
أيها المتعلم احمد الله أن هيأ لك سبل النجاح والتعلم بكل يسر وسهولة وتذكر ماقاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة”. رواه مسلم.
قال النووي -رحمه الله-: “وفيه فضل المشي في طلب العلم، ويلزم من ذلك الاشتغال بالعلم الشرعي”.
وقال ابن حجر -رحمه الله-: “فيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه؛ لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة”.
ونحن اليوم نعيش في المملكة العربية السعودية التي جعلت التعليم من أولوياتها ، فالشكر أجزله لمعالي وزير وزارة التعليم د.يوسف بن عبد الله بن محمد البنيان على الإشراف والتمكين للتعليم وتذليله لكافة الصعوبات وهذا الدعم لم يكن يأتي لولا توفيق الله عزوجل ثم وجود حكومة رشيدة جعلت التعليم نصب أعينها منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناءه البرره وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ذلك العهد المزدهر بإشراف عضيده و ملهمنا ولي عهده الأمير محمد بن سلمان مهندس رؤية المملكة 2030 التي كان من أساسها العلم والتعلم ومن برامجها برنامج تنمية القدرات البشرية وأبرز أهدافه التعليمية الإستراتيجية ، توفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولوية ،التوسع في التدريب المهني لتوفير احتياجات سوق العمل ،تعزيز ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال ،بناء رحلة تعليمية متكاملة ،تحسين تكافؤ فرص الحصول على التعليم ،تحسين مخرجات التعليم الأساسية ، رفع تراتيب المؤسسات التعليمية ،ضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، فجزيل الشكر والامتنان لدولتنا العظيمة وقيادتنا الرشيدة والكوادر التعليمية وشعبنا الهمام المتطلع للنمو والتقدم والمنافسة الدولية بسواعد وطنية ،فنسأل الله أن يحفظنا بحفظه ويكلأنا برعايته وأن يجعل التوفيق والسداد حليفنا وأن يجعل بلدنا آمنة مطمئنة، وأن يحفظ علينا قادتنا، وأن يرزقهم البطانة الصالحة ،أخيرا إن من التربية الصالحة التربية على مكارم الأخلاق والصفات الحسنة والخصال الحميدة من صدق وكرم وجود وإحسان.
نسأل الله أن يبارك لنا في أبنائنا وأن يرزقنا برهم وأن نوفق لاستثمارهم الاستثمار الحقيقي الأمثل العائد على أوطانهم بكل خير.