مبارك بن عوض الدوسري
حظيت الكشافة في المملكة العربية السعودية منذُ صدور المرسوم الملكي في عهد جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – في 9 ربيع الآخر من عام 1381هـ ، بإنشائها، ببروز العديد من القيادات الكشفية التي أسهمت في وضع لبناتها وبنائها حتى أصبحت اليوم جمعية الكشافة العربية السعودية رقماً مهماً على خارطة الكشافة العالمية التي تضم 173 جمعية كشفية وطنية في أكثر من 220 دولة ومنطقة حول العالم، ومن ابرز القيادات الكشفية السعودية التي أسهمت في ذلك البناء القائد الكشفي يوسف عبدالقادر محمد جودة، الذي عرفته قائداً كشفياً يتمتع بمعايير أخلاقية عالية ومن أهمها الالتزام بالعدالة بين القادة الكشفيين الذين يرأسهم في أية مناسبة كشفية،
كما يعمل على غرس الثقة فيهم، والحرص على توفير البيئة الآمنة التي تمكنهم من تحقيق الأهداف المرجوة، حريص اشد الحرص على توزيع المهام والصلاحيات بينهم، تاركاً لهم مساحة للقيادة بترك جزء من مهامه لهم، الأمر الذي انعكس تأثيره على كثير من القيادات الكشفية التي تتلمذت على يديه، فقد كان يشركهم في نتائج نجاح المناسبة الكشفية أو فشلها كحزمة واحدة وهو ما يبنى اساساً قوياً للتواصل،
فالتواصل في نظره يحقق الشعور بالانتماء ، فيؤثر في الإنتاجية، كما عرفته مُشجعاً على التعلم التنظيمي والابتكار بين القادة ، متميز بالمرونة والانفتاح على الأفكار والأساليب الجديدة، يُدافع عن حقوق القادة، ويدعمهم باستمرار بالتدريب والحصول على الشارات الكشفية ضمن التأهيل القيادي، وهو ما أدى إلى تصدر كشافة المدينة المنورة للمشهد الكشفي في المملكة فترة زمنية معينة ولازال أثر ذلك باق إلى يومنا هذا، حيث جعل ميدان الكشافة في طيبة الطيبة يزخر بقيادات كشفية أكفاء يحملون مسئولية العمل الكشفي بها ، الذين أسهموا في استمرار علوا شأنها بعد أن ترفع عن الأناء والنرجسية ، وأصبح همه صنع قادة كشفيين لمستقبل المملكة عموماً والمدينة المنورة خصوصاً، حتى أنك لا يمكن أن تتحدث في مجتمع يضم عمالقة الكشافة في المملكة دون أن يمر ذكر اسمه وسيرته كواحد من أروع الأمثلة في من أسهموا في بناء وصنع قادة كشفيين نهضوا بالكشافة في المملكة العربية السعودية واسهموا في رفع علمها خفاقاً في مختلف الأحداث الكشفية الخليجية والعربية والإقليمية والعالمية، غير مشاركته في تطوير الكثير من الأعمال المتعلقة بمعسكرات الخدمة العامة في الحج سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ، أو من خلال دعمه للمكتبة الكشفية السعودية بالعديد من البحوث والكتب ومن أهمها سلسلة الدعم والتطوير التربوي الكشفي، وقد أحسنت جمعية الكشافة العربية السعودية عندما منحته عام 1426هـ نوط التميز في التأليف تقديراً لجهوده المخلصة في ذلك الشأن.
رافقته في العديد المناسبات الكشفية داخل المملكة وخارجها واستفدت منه الكثير، وعندما أطلقت الكشافة العالمية “برنامج الشباب” قبل عدة سنوات والذي من خلاله تُعد الكشافة الشباب ليكونوا مواطنين نشطين محلياً وعالمياً من خلال تزويدهم بالمهارات والقيادة للاستجابة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تواجه عالمنا، والمساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجتمعاتهم، مما يؤثر على التغيير الإيجابي ويلهم الآخرين،
تذكرت ورقة عمل قدمها خلال مشاركتنا في الدراسة العربية لموجهي التربية الكشفية عام 1418هـ تقريباً بالقاهرة والتي دعا فيها إلى وضع منهجيات وطرق تساعد على إيجاد قيادات شابة ومن ثم استثمارها وأن ذلك الأمر يُعد مطلباً أساسياً وركيزة ثابتة إذا ما أردنا لكشفيتنا العربية الاستمرار والنجاح ومسايرة الآخرين، وكان طرحه هذا الذي مر عليه اليوم حوالي 28 عاماً متفق مع ذلك البرنامج “برنامج الشباب” الذي اعتبرته المنظمة الكشفية العالمية حين طرحه أنه هو جوهر الكشافة بمساهمته في التنمية الشاملة وتمكين الشباب لتحقيق أعلى إمكاناتهم في إطار تمكين الأفراد من خلال التنمية الشخصية ، حيث يعالج ذلك البرنامج ستة أبعاد لتنمية الشباب – الاجتماعية والجسدية والفكرية والشخصية والعاطفية والروحية – من خلال فرص التعلم والخبرات، وهو ما يؤكد قراءته للمستقبل ونظرته بعيدة المدى، فما أحوجنا اليوم إلى قراءة سير هؤلاء القدوات ، وما أحوج القيادات الكشفية الشابة إلى البحث عنهم والاستفادة منهم ، وما احوجنا جميعاً إلى الاستفادة من خبراتهم لتستمر الكشافة السعودية كما هي في مقدمة الركب.