جراح لاتلتئِم

بقلم الكاتبة وداد بخيت الجهني

يقول :ويليام شكسبير (رحيل الثقة أصعب من رحيل الأشخاص) هناك جروح مؤلمة، يبقى أثرها عميقاً، ومؤلماً، وتعجز الأيام عن مداواتها، وتبقى محفورة في الذاكرة بكل تفاصيلها، شعورها مُرّ كالصبَّار، ووجعها يحفر أخاديد في الأعماق يصعب ردمها، ندبات لايزول أثرها حتى وأن توالت الأيام، ومرت السنون، سهام تخترق جدران الروح وتستقر في القلب؛ فتمزقه أشلاء، فلا يمكن إخماد صوت نزفها ، جراح لايستطيع أمهر الأطباء معالجتها، خاصة عندما تأتي من اليد التي يعزَّ عليك خدشها، والروح الأحب إلى قلبك، والأقرب إلى نفسك.
فما أقسى صفعة الخذلان!
وما أصعب أن تُقتل من مآمنك!
وما أبشع أن تُعطى درساً ثمنه قلبك!
وما أتعسك عندما تخسر توقعاتك!
حقيقي شعور محزن للغاية عندما تُدرك أن الطعنات التي سُددت إلى خاصرتك، وأن رصاصة الغدر التي زلزلت كيانك، وفتتت ثباتك، وغيوم الحزن التي مرت أجوائك، وسرقت منك الفرح، وأطفأت فيك الشغف،والدمعة الواقفة على عتبة عينيك، والتنهيدة التي أضاعة طريق التنفس، والإبتسامة التي تاهت ،والضحكة التي سُلبت، والهزائم التي تكالبت على روحك، والطمأنينة التي قُتلت وسط صدرك ،والدفء الذي نُزع من روحك، وصرخات الألم التي تسللت إلى أعماقك، وقطعت قلبك، وخنقت أنفاسك؛ كانت من صنع الذين زرعتهم في تربتك،و أعطيتهم مكانة خاصة، ومساحة آمنة، الذين استرسلت معهم بالحديث والبوح، ومددت لهم يدك، وأمسكت بها زمناً ، وبسطت لهم قلبك، واستأمنتهم على روحك، الذين ظننتهم الركن الآمن، وأن حضنهم سند، ورفقتهم راحة، وتخيلتهم الأبطال وقت الشدائد، والأيادي المتأهبة التي ستقاتل الدنيا معك، والجدار العظيم الذي يصد عنك متاعب الحياة ، مؤلم مؤلم جداً عندما تقرأ الحقيقة متاخراً، وتكتشف أنك قضيت أيامك مخدوعاً، وأنك كنت تسند رأسك على أضلع مليئة بالأشواك، وأن الأناء الذي سكبت به مشاعرك، وحوى أحلامك، وأحزانك كان مكسوراً، وأن ظنك الذي صنعته كان بمقياس غير مناسب، ضجيج من الوجع، وألم يفوق الوصف، معركة قاسية تخوضها بينك وبين روحك، لا تعرف ما ربحت منها، وما فقدت فيها، لكنك تُدرك فقط شيئاً واحداً أنهم أشخاص اختارهم لك القدر ليكونوا منك وإليك ، وسيظلون جزءا من ماضيك ، وحاضرك، ومستقبلك شئت أم أبيت، لذلك ستكون جميع قراراتك مع وقف التنفيذ، فما أوجع أن تُخذل وتُهزم في لحظةً واحدة! خيبة مؤلمة توازي خيبة الشاعر حين قال :
ظلمتُ فؤادي لإسعادهم
وياليتني نلتُ غير الوجعْ
وأدميتُ جفني بطول السُهادِ
فزاد أعْتِلالِي وجرحِي أتسعْ
فصالوا وجالوا بهاكِ الجراحِ
واضْنَوا فُؤادي حتى ركعْ

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.