بقلم / حسين القفيلي
الشيخ محمد بن حسين بن حفول آل سعد عمدة مركز الخانق لأكثر من 25 عاما عندما تتكلم عن رجل بحجم المرحوم ، تأخذك الذكريات بعيداً عندما يحل ذكره بعد سنوات عديده من رحيله في حقيقة الأمر لم يكن لي سابق معرفة مع الوالد المرحوم ، غير إن سمعته الطيبة وسيرته الحسنة وكرمه وصلت إلى أفاق بعيده ، ففي الثمانينات وقبل وصول خدمة الأنترنت والبريد الإلكتروني وماهو يسمى اليوم بالحكومة الإلكترونية كانت التعاملات ورقية وكان البريد الطواف بدل الإلكتروني وكان شيوخ القبائل وعمد الأحياء هم المعرفين والمشهورين قبل وسائل السوشل ميديا ومشاهيرها.
وكان طلب تصديق شيخ الشمل وعُمد القرى والمراكز أكثر استخداماً في المعاملات الورقية ، قبل تطور برامج الأحوال الشخصية المعمول به اليوم والبرامج التعريفية المصاحبة مثل أبشر ، وتوكلنا … الخ
في الثمانينات كان مركز الخانق بمحافظة بدر الجنوب 180 كم شمال غرب نجران يعج بالمراجعين ليس من محافظة بدر وحدها بل حتى بعض قُرى حبونا القريبة من الخانق وكان حريصا على التواجد والانضباط لينجز معاملات كل من يأتي إليه.
وفي نهاية الدوام لايتوقف الأمر عند ذلك بل منزله مفتوح على قارعة الطريق حتى لمن هم من خارج المملكة العربية السعودية من إخواننا العرب والمسلمين ولم يكن الوالد والشيخ والعمدة محمد بن حسين بن حفول من أصحاب الثراء عندما تشاهد تزاحم تلك الوفود على منزله هو ثري بعلمه وورعه وأخلاقه العالية وحرصه على تربية وتنشئة أبناءه التنشئة الصالحة وهذا ما سوف أذكره هنا عند بداية معرفتي عن قرب بالمرحوم.
ففي العام 1411هـ للهجرة وبداية التحاقي بجامعة الملك سعود كلية التربية / فرع أبها ، تعرفت على ابنه البكر الأستاذ عبدالله وكان حينها قادما إلينا من الرياض من نفس الجامعة وهنا أعجبت بشخصية الأستاذ عبدالله وحرصه على أداء الصلاة وكرمه وحبه للجميع فقررت الخروج من السكن الجامعي والسكن معه ، وكان يحدثني عن والده كثيرًا ومدى اعتزازه به ومدى حرصه على التخرج والعمل حتى يقف إلى جانبه ليساعده على أعباء الحياة ولأنني فاقد لمعنى الأبوه حيث توفى والدي رحمه الله وانا ابن الثلاث سنوات ولم أشاهده في حياتي كنت شغوفاً بكل من يتحدث عن والده ، متمنياً إنني عشت مع والدي في فترة الطفولة والشباب لأنهل من تربيته وفيض حبه الغامر ، ولكنه القضاء والقدر هذا الأمر جعلني ألتصق بكل من هو إيجابي في الحياة وكل من يحب والده ، وهذا مامنحني فرصة اللقاء بالوالد المرحوم محمد بن حفول أثناء زيارته لابنه عبدالله في حي النميص بأبها وهنا شاهدته لأول مره في حياتي كان معه ابن عمه المرحوم منصر بن دعمان آل سعد وبصحبتهم المهندس اليوم ابنه حسين بن محمد بن حفول وهو أصغر سناً من عبدالله وكان وقتها أحد طلاب جامعة الملك عبدالعزيز بجده وكانوا عائدين من بيت الله الحرام آنذاك وقرروا زيارتنا في طريق عودتهم ، وصلوا إلينا قبل صلاة المغرب وكنا في حالة تشبه الاستنفار لابد أن نكون حريصين على كل مايقدم للضيف من قهوة ومكان يليق بهم ومن استقبال يعكس مدى التربية والاحترام لدينا جميعاً ورغم الظروف المادية الصعبة لنا إلا إننا استطعنا توفير كل مايمكن أن يسعدهم من إعداد المكان وإكرامهم بما يليق بهم .
وأتذكر إن من زملائي أيضاً بنفس الشقه الأساتذة اليوم مسفر هادي جراب أبالطحين والأستاذ عبدالله حسين بن جوخه آل عوض .. حضر لنا المرحوم ابن حفول ومن برفقته وباتوا ليلتهم الأولى عندنا كان لحضوره رحمه الله هيبة وكان ينصحنا في الجد والاجتهاد وقبل ذلك في الصلاة ، كنا شغوفين جدا بسماع حديثه ونصائحه وفي اليوم التالي تناولنا طعام الغداء ثم غادرونا إلى مدينة نجران ، استمرت علاقتي بالمرحوم بين الحين والأخر وفي المناسبات الرسمية فكان نعم الوالد الموجهه لنا جميعاً ، متواضعاً وحازماً كريماً وتقياً يحب يساعد الآخرين ويقف إلى جانبهم حتى وإن لم يكونوا من أفراد قبيلته أو محافظته كان رحمه الله محباً لوطنه وولاة الأمر فلا يزور أمير أو وزير منطقة نجران ويأتي للمحافظات الشمالية إلا ويتناول القهوة بمجلسه العامر على مفترق الطرق بين بدر الجنوب والخانق وحبونا وهداده رحم الله الشيخ ابن حفول رحمة واسعة وادخله فسيح جناته! وبارك الله في ذريته ورزقهم من واسع فضله.