المدينة المنورة- سمير الفرشوطي
في أرض تحفها الأسرار وتعانقها الحكايات، يقف شامخًا “مسجد الشيخين”، معلمًا تاريخيًا غنيًا بالأحداث والذكريات التي تعود بنا إلى عصور خلت، حيث الصحابة والمعارك والقرارات التي شكلت مسار التاريخ الإسلامي.
*أجمة الشيخين*: كلمة قد تبدو غريبة على السمع للوهلة الأولى، لكنها تحمل في طياتها قصصًا من العزة والشموخ. تقع أجمة الشيخين في الحرة الشرقية من جهة بني حارثة، بالقرب من نهايتها في السهل، وقد كانت شاهدة على لحظات فارقة في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث استراح الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام عند أجمة الشيخين، وصلى بهم الجمعة في مسجده ثم العصر والمغرب والعشاء، وباتوا ليلتهم هناك، مستعدين لما يحمله الغد من أحداث. كانت تلك اللحظات تحمل في طياتها قرارات حاسمة وتوجيهات نبوية خالدة.
وعندما جاءت كتيبة اليهود على يد عبد الله بن أبي المنافق، رفض الرسول صلى الله عليه وسلم استعانتهم في معركة بين المسلمين والمشركين، مؤكدًا رسالة واضحة بأن العون والنصر يأتيان من الإيمان الصادق لا من المصالح المؤقتة.
ويعود معنى الشيخين لأطمان ليهوديين أو قصة حب عابرة للزمن، يغلفها الغموض والإعجاب، لكن ما يبقى واضحًا هو أن هذا المكان شاهد على العديد من الأحداث التاريخية الهامة. *مسجد الشيخين الذي كان يعرف بمسجد البدائع ويسمى الآن بمسجد المستراح، يقف اليوم كشاهد على الزمن في المدينة المنورة. يقع على الناصية الغربية لشارع سيد الشهداء، يحتضن بين جدرانه قصصًا من الإيمان، العزيمة، والتاريخ.
و تغيير اسم المسجد ليس مجرد تغيير لافتة، بل هو استحضار لعبق التاريخ والإرث الحضاري الذي يجب أن نحافظ عليه ونفخر به
هذا المسجد وقفة مع التاريخ تُذكرنا بأهمية الحفاظ على الأماكن التاريخية كجزء من هويتنا وتراثنا الثقافي والديني. إنه دعوة لزيارة هذه الأماكن، التعرف عليها، والتأمل في الدروس والعبر التي تحملها لنا من الماضي.