بقلم / مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على العناية بالمحتاجين والمعوزين، وجاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على ذلك ، بل وجعل الله الإنفاق في أوجه الخير هو إقراض له سبحانه حيث قال (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ) ذكر ابن كثير في تفسيره: يحث الله تعالى عباده على الإنفاق في سبيله ، وقد كرر الله تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع ،كما قال في الآية الأخرى : (أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي : جزاء جميل ورزق باهر – وهو الجنة – يوم القيامة ، وحثت الأحاديث النبوية على الصدقة وأنها سبب للنماء والبركة، قال ﷺ: (ما نقص مالٌ من صدقةٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه)، فالصَّدقات يزيد الله بها الأموال، ويُنزل بها البركة، ويُعَوِّض الله صاحبها الخير العظيم، وفي الحديث قال ﷺ: (نعم المال الصالح للمرء الصالح) ولذلك كان من هديه عليه الصلاة والسلام وأصحابه أن ينفقوا ماعندهم في سبيل الله ولايخشون الفاقة .
كما ورد في الأثر عن أنس قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال:( فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال : يا قوم، أسلموا ؛ فإن محمداً يعطي عطاء لا يخشى الفاقة) ، وهذا هو الاصطفاء الحقيقي من الله لعباده، عندما يسخرك الله ويشرح صدرك للعطاء ولخدمة المحتاجين والمعوزين فهذه نعمة كبرى تحتاج إلى شكر
وفي هذا الزمان نجد بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً قد امتثلوا الآيات القرآنية و الهدي النبوي في الإنفاق، وهكذا نرى من العطاءات الداخلية والخارجية ماتبتهج به النفس ـ ولله الحمد ـ ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ما أنفقه الشيخ عبدالله بن صالح العثيم عندما أوقف محفظة مليارية وقفية لخدمة المحتاجين وتحسين جودة الحياة ،خدمة لدينه ووطنه ومليكه ، فكم من محتاج سيستفيد من غلة تلك المحافظ المباركة ، كم من يتيم سوف يتم الأخذ بيده ، كم من أرملة سوف يسد حاجتها ، كم مريض سوف يشفى بإذن الله ، وكم وكم..
ومما لاشك فيه أن النفس حينما تسمو وتعيش مع الفقراء والمحتاجين سوف تبذل الغالي والنفيس ترجو ماعندالله من الثواب والنعيم الدائم ، فقد دلت الكتب السماوية والأحاديث النبوية والقصص الإنسانية على أن المال ينمو مع الصدقة والعطاء ويزيد بل ويفيض ـ بأمر الله عز وجل ـ، والشيخ عبدالله من محبي عمل الخير ويسعى لإسعاد أفراد المجتمع في شتى المجالات، ولم يكن لمثل هذا العطاء أن يرى النور لولا توفيق الله ثم تمكين حكومتنا الرشيدة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لرجال وسيدات الأعمال ، فقيادتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ هم قدوتنا في أعمال الخير فهم أصحاب فضل ويد بيضاء على هذه الأرض فقد أنفقوا الأموال الكبيرة لخدمة المحتاجين والمنكوبين داخل المملكة وخارجها عبر منصة إحسان وجود و مركز الملك سلمان للإغاثة .
كما أن رؤية المملكة الطموحة 2030 قد حثت على التنمية والعطاء والتمكين وتحسين جودة الحياة وشجعت على ذلك ، وكان من ثمرة وجمال تلك المحافظ أن خصّ الشيخ عبدالله أجرها له ولأهل بيته وأولاده ورواد العمل الخيري أصحاب الأثر الملموس وفاءً لهم، فلكل محفظة اسم نوى أجرها لحامل اسمها ، وقد خصص محفظة باسم رائد من رواد العمل الخيري الإنساني الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السويلم وريعها لصالح جمعية عناية الصحية ، ذلك الرجل الذي لو كتب عن سيرته في العمل الخيري المجلدات والدواوين لم توفه حقه ، بذل نفسه في الإحسان وقضاء حوائج الناس والتنمية المستدامة ، فهو يتحين كل فرصة عمل خير فيُقدم غير مدبر ولا محجم ويشمر عن ساعديه ولايتوانى ويلهم من حوله من العاملين، تجده في رعاية الأيتام والمعاقين والمرضى المحتاجين وخدمة كتاب الله وغيرها من الأنشطة ذات الأثر التنموي المستدام، يعمل بصمت وأفعاله تتحدث، خدم في وطنه وتقلد المناصب العليا في المستشفيات والهلال الأحمر ومجلس الشورى والعمل الإنساني الدولي وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخدمة لدينه ووطنه ومليكه ، فهو بذرة خير مباركة وسحابة ممطرة ونسمة هواء باردة، عطاؤه ممتد على الكرة الأرضية بفكره وجهده وماله وإنسانيته وماتوفيقه إلا بالله ، ما أتاه محتاج إلا وتفاعل معه ،وما أتاه طالب إلا ولبى طلبه ، وما أتاه مفزوع إلا وهدأ من روعه ، وما أتاه دامع إلا وكفكف دمعته ، وما أتاه رجل أعمال إلا ودله على فعل الخير ،كتب الله له القبول عند الناس غنيهم وفقيرهم، فقد سخر عمره المديد ـ المبارك بإذن الله ـ في قضاء حاجات الناس ، ودعواتهم المباركات تحفه ، فهو في رعاية الله وحفظه ومعيته قد سخره الله لخدمة عباده وقضاء حوائجهم.
فعنوان سعادة العبد كما ذكر الشيخ السعدي -رحمه الله- في إخلاصه للمعبود وسعيه في نفع الخلق ، فمناقبه كثيرة وأفعاله الخيرة غزيرة ومواقفه مشهودة وإنسانيته كبيرة ، لايوفيها قلم ولا تسعها محبرة ولاحلقات متلفزة، ولكن الجزاء من الله فهو خير جازٍ وهو الجواد الأكرم ، فنسأل الله أن يبارك في قيادتنا ودولتنا ورجال وسيدات أعمالها ، وأن يغفر للشيخ عبدالله بن صالح العثيم وأن يعطيه حتى يرضى وأن يخلف عليه خيراً، وأن يبارك في عمر الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السويلم وأن يجزل له العطاء وأن يحفظه بحفظه ويكلأه برعايته ، وأن يغفر لوالديهم ، وأن يجمعنا وإياهم في جنات النعيم على سرر متقابلين ،وأختم بأبيات للشافعي
وأفضل الناس مابين الورى رجل …
تقضي على يده للناس حاجات