المدينة المنورة- سمير الفرشوطي
في مجتمع يكتنفه الغموض والتغييرات المتسارعة، نشهد تبخرًا حقيقيًا لمفاهيم كانت يومًا ما جزءًا لا يتجزأ من نسيجنا الاجتماعي والثقافي؛ المصداقية والمشاعر، تلك الصفات التي تعتبر ميراثًا عربيًا أصيلاً، تفتقد اليوم بريقها وسط زحام الحياة وتقلباتها
إننا نلاحظ تآكل القيم في مجتمع يسعى خلف السراب فقد كانت الكلمة فيه عهدًا ووعدًا، نجد اليوم أن المصداقية تتآكل بين ثنايا الوعود الزائفة والأقوال التي لا تمت للأفعال بصلةو يبدو أنها أصبحت ضحية للمصالح الشخصية والسعي وراء النجاح بأي ثمن
و في الوقت الذي كانت المشاعر تعبر عنها الأشعار والقصائد، وكانت تعتبر سمة من سمات الشهامة، نجد اليوم أن المشاعر تتبخر وسط العلاقات السطحية والتواصل الرقمي الذي يفتقر إلى الدفء الإنساني
وقد أوصى الإسلام بالصدق في القول والعمل، وجعل المصداقية أساسًا في جميع التعاملات، كما حث الإسلام على صدق المشاعر والرحمة والتعاطف بين الناس، معتبرًا ذلك من صفات المؤمنين الحقيقيين.
من الضروري أن نعيد التفكير في قيمنا ومبادئناو يجب أن نسعى جاهدين للحفاظ على هذه الصفات النبيلة، وأن نجعلها جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سعيًا لبناء مجتمع يسوده الصدق والشفافية والتعاطف
ولابد أن يكون هناك تركيز على تعزيز هذه القيم منذ الصغر، من خلال التربية الأسرية والمناهج التعليمية.
و يجب أن يكون الأفراد الذين يتمتعون بالمصداقية والمشاعر الصادقة قدوة للآخرين، خاصة في عالم يزداد فيه النفاق والتصنع
في النهاية، يجب أن نتذكر أن المصداقية والمشاعر ليستا مجرد صفات يمكن التفاخر بها، ولكنهما أساس لبناء مجتمع صالح ومتماسك وإذا ما أردنا حقًا التغيير، فيجب أن يبدأ من داخل كل واحد منا.