حمساء محمد القحطاني _الافلاج
تميل أدمغتنا لجعلنا مغرورين إلى الحد الذي يجعلنا نتذكر الأحداث بشكل يحسّن صورتنا تجاه أنفسنا.
وإذا كانت هذه حالتنا الافتراضية، فإن المدح يخبرنا ما نعرفه مسبقاً عن أنفسنا، في حين أن النقد يكون أصعب في ترجمته وبمثابة صدمة لجهازنا العصبي. فحين تعرض نفسك من خلال فكرة أو أداء أو حتى رأي، فكأنك تقول: «أعتقد أنكم ستعجبون بهذا»، وتنتظر استحسان الناس إلّا إذا كنت في غاية الثقة من نفسك، وحينها يكون هناك دائماً عامل شك بأنك قد تكون مخطئاً، وتكون في ذلك الوقت أكثر حساسية لأي رفض أو انتقاد، وتبدأ بالبحث عن أيّة علامة تؤكد ذلك، خاصة إذا كان ما تعرضه شيئاً تبذل حياله الكثير من الجهد والاهتمام وتشعر ناحيته بالفخر الشديد، وعندما تبحث عن شيء بكلّ هذه الجدية فإنك غالباً ما تجده، كما في حال الشخص مدعّي المرض الذي يفلح دائماً في العثور على أعراض لأمراض نادرة، ويطلق على هذه العملية تأكيد التحيز (confirmation bias) حيث نركز على ما نهتم به ونتجاهل كلّ ما لا يتماشى معه.
نحن دائماً نطلق الأحكام بناء على ما نعرفه فقط، وما نعرفه ينبع من استنتاجاتنا وخبراتنا، وبهذا نحن عادةً نحكم على الناس طبقاً لما نفعله، فإذا تحلّينا مثلاً بالأدب لأن العرف يفرض علينا هذا، فإننا ببساطة ننتظر من كل الناس أن تفعل ذلك، ولهذا كل ما نستقبله من مدح سيتعرض للتساؤل حول إذا ما كان حقيقياً أم لا، أما الانتقاد المُوجّه إليك فسيعني أنك كنت سيئاً للدرجة التي جعلت أحدهم يتحمل عناء الخروج عن العرف لينتقدك، ولهذا مرة أخرى يكون للنقد وزنٌ أكبر من المدح.