التربية على العطاء ومساعدة الآخرين

بقلم/ مشاري محمد بن دليلة

كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

إن أغلى مايملكه الإنسان في حياته الأبناء فهم جمال الحياة ومتاعها وزينتها فمن كتب الله له الذرية فهو في سعادة، وهذه هي السنة الكونية في الحياة فجمالها يكتمل باكتمال أركانها حتى الأنبياء كانوا يسألون الله أن لايجعلهم فرداً كما قال نبينا زكريا عليه السلام ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) فعندما يكتب الله لك الذرية فإنها مسؤولية ومسيرة تحتاج إلى الجد والاجتهاد والرعاية فهؤلاء الأبناء هم أمانة في أعناقنا، فالطفل يولد على الفطرة والحب والعطاء وفعل الخير فتلك سجيته لم تخالطها الأفكار السيئة ولا القلوب المريضة تجده مبتسماً في أحلك الظروف قلبه أبيض طاهر يغلب على تفكيره العاطفة دون العقل ، من لجأ اليه آواه ومن احتاجه وقف بجانبه.
إن الطفل يتلقى تعاليمه من والديه بالدرجة الأولى فهم من يعدونه للمستقبل فإما يوجهونه نحو الأخلاق الحميدة التي ترفع من شأنه ويكون طيب النفس نشيطاً أو يربونه على الأخلاق السيئة التي تجعل منه خبيث النفس كسلانًا لا يقدر على مواجهة تحديات الحياة ، ولكن عندما يتربى ذلك الطفل على الارتباط بالدين وقيمه وأخلاقه من صلاة وصيام وصدق وإيثار وكرم وبذل ومساعدة الآخرين وغيرها من الأخلاق سيجد أثر ذلك عندما يكبر فيكون نافعًا لمجتمعه ووطنه ، ومن الأخلاق التي لابد أن نغرسها في نفوسهم العطاء والبذل ومساعدة الآخرين، وإهمال هذه القيم سيؤدي إلى انحسارها في المجتمع وبالتالي انتشار صور الأنانية وحب الذات فهناك دراسات غربية ذكرت أن نسبة العطاء ومساعدة الآخرين في الغرب في تناقص والسبب في ذلك أن تربية الآباء للأبناء تركز على التعليم، حيث يصبون اهتمامهم في تشجيع الأطفال على تحقيق المنجزات الكبيرة ويحتفلون بهم عند تقدمهم في الدراسة أو تحقيق منجزات عظيمة، لكن بالنقيض كانوا لايحثونهم على العطاء ومساعدة الآخرين بل كان بعضهم يربي أبناءه على الشدة والأنانية وأن يأخذ حقه بنفسه ولايكون عطوفاً ولا مساعداً للآخرين فكبرت تلك النزعة في قلبه فأصبح يهتم بذاته ويحبها غير مبالٍ بالآخرين ، وقد ذكرت الدراسة أيضا أن الأطفال الذين لهم اهتمامات بفعل الخيرات ومساعدة الآخرين هم أكثر نجاحاً واستمر هذا الحال حتى بعد أن بلغوا أشدهم، ومن هذا المنطلق يجب أن نربي أبناءنا على كل خلق حميد ونغرس حب الخير في نفوسهم، وأنهم سواعد الوطن في البناء فبهذه التربية تبنى الأمم وبها تنال الشرف والرفعة وتصبح قدوة لغيرها من الشعوب،ولهذا يتحتم علينا إشراك أبنائنا في الأعمال الجماعية وحثهم على مساعدة من احتاج إليهم والتفاني في تقديم الخدمة للآخرين بما يملكونه من جهد ومال وفكر ، وهناك العديد من الأحاديث التي وردت في فضل أعمال الخير نفع الخلق قال النبي صلى الله عليه وسلم (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا ، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه ؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا ، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له ؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ) ، ويقول أحد الكتاب (دارين) في حديثه عن مآثر مساعدة الناس (دائما ماكنا مستعدين لمساعدة غيرنا ، وقد يكون هذا السبب وراء انتصار القبائل).
فنسأل الله أن نكون عوناً لمن احتاج إلينا وأن نفرج الكرب ونزيل الهموم .

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.