نظرة في سيكولوجية متأخر

الكاتبة / أميرة المغامسي

عندما استعيدُ شريط يومي للعمل أو حضور مناسبة أو موعد هام ، أجدني دومًا متأخرة مهما خططت !؟ الوقت يداهمني.. يسابقني.. لا أعلم يركض على عجالة ! لا يراعي بطء خطواتي وتمهلي مع تفاصيلي المهمة.

الغريب في الأمر تعارف الكل بعدم التزامي بالمواعيد؟ مع أنني أحرص على الحضور بالوقت المحدد لا أتقدم ولا أتأخر ، عراك مع الوقت يكلفني الكثير من المشقة والجهد ، لمحاولات بائسة ، كثير من الأحيان علي أن أضع منبهي يرن قبل بزوغ الفجر هناك تجهيز للإفطار وايقاظ للأبناء و متابعة احتياجاتهم ، الصلاة ، تجهيزاتي الخاصة ، أي نعم لستُ كصديقتي (سُمية )، وبعضًا من الزميلات ممن يحضرن قبل العمل بساعة ممن حاولت مرارًا وتكرارًا مُجالستهن لعلي أجد السر في ذلك ، ما وجدت شيئًا ! ما يقمن به هو ذاته . ما أفعله!!

وفي نهاية الدوام أرى بعضهن ذهابًا وإيابًا يحملن عباءاتهن وأعينهن ترقب عقارب الساعة ، مشهد يذكرني باللحظات الأخيرة لمباراة كأس النهائي حتى الحديث معهن يأخذ منحنى آخر من التوتر والحدة .
رغم أن تلك الساعة الأخيرة مهمة بالنسبة لي فيها أكمل أعمالي بهدوء وكثيرا ما أضع فيها بُنات أفكار عظيمة ، وجدولة للكثير من المهام والإنجازات .
هذا يدعوني لتأمل انتاجي وإنجازاتي والتركيز عليها، فليس كل متأخر كسول ، وباتفاق الجميع أجيد إتقان عملي ، حنكة قيادية، منفتحة على الاخرين لأعرف كل جديد ومختلف. المشكلة في تحديد وقت الحضور؟.

ها أنذا على موعد لحضور حفل زفاف ، لن أضع منبهًا أو تذكيرًا ،أرى بساطة الامر ولأدع الأمور تجري في أعنتها ، متفائلة سأكون على الموعد ، ويا للهول رسائل واتساب للرفيقات تُنذرني حال أن تأخرت ، ولله الحمد لدي المتسع من الوقت على أقل القليل سأكون في الموعد المتفق معهن، نفذت توصياتهن ، جهزت ما يلزم للمناسبة كل شيء أمامي ، الفستان ، الحذاء ، مجوهراتي ، مساحيقي ، يبدو أن حقيبة اليد ليست في مكانها ..! تذكرت .. مع أختي.. تواصلت معها .. الأمور على خير .. على شاشة التلفاز مسلسلي المفضل تأسرني أحداثه ، مرة أقف متابعة ومرة أمام مرآتي ، يرن هاتفي أمي على عجالة تذكرني باجتماع جاراتها ، لا مانع نتجاذب أطراف الحديث ،هناك الكثير من الوقت ، انهيت أموري ، أخرج سريعًا ، لم أضع في الحسبان إشارات المرور وازدحام الطرقات ، لعله خير ،لقد وصلت ، أتنفس الصعداء ، يرمقنني الرفيقات ، هناك ضحكات وتمتمة ما فهمتها فقد علا صوت المغنية أرجاء المكان ، ما أن جلست أُطفأت الأنوار اعلانا لزفة العروس !!، يبدو أن الزفاف شارف على الانتهاء !! أحببت مقولة ” أن تأتي متأخرًا خيرٌ من أن لا تأتي” .

صدفة اتصفح مقطع متداول لستيف هارفي يتحدث عن المتأخرين يخبرنا أنهم أكثر نجاحًا وأقل توترًا ، لله درك يا ستيف . ممتنة لك ، كمية تحفيز وانصاف ، هاك لايك ومنشن ، بحق أنت رجل رائع .
بحثت في الأمر لأجد دراسة أجراها باحثون من (جامعة هارفارد) في سيكولوجية المتأخر تشير أن الأشخاص الذين يتأخرون عن موعدهم أقل عرضة للتوتر وأمراض القلب وضغط الدم ، يملكون المرح ،يحبون الانفاق ، لا ينزعجون من حدوث شيء طارئ كتأخير رحلة وما شابهها ، يمارسون هوايات متعددة ، قادرون على الوصول لحلول المشكلات الأكثر تعقيدًا ، عيبهم الوحيد يكون عدم تكيفهم مع الساعة التي تم تحديد الميعاد بها .

نظرة عميقة :
الالتزام بالمواعيد صفة جميلة ، يحفظ الوقت من الضياع ، وبيننا أشخاص قمة في الالتزام ، قد يرون تأخرنا عدم تقدير ، وقلة احترام ، علينا أن لا نخسرهم ولا نبتئس من إيجاد الحلول كتقديم الوقت بتغير الساعة فنستيقظ السادسة والحقيقة الخامسة، ولأن لدينا اهتمام مبالغ بالتفاصيل من الممكن تحديدها والانتهاء منها قبل الموعد ، معرفة العامل المتسبب في التأخير يجنبنا الكثير من الخسارات خاصة اليوم في عالمنا المتسارع لن تستطيع اقتناص الفرص مالم نجهز ونبكر لها .

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.