نجفيه حمادة
استند على الحائط مطأطئ الرأس ودموعه تتساقط على وجنتيه ليمسحها بأكمامه، همّ مهرولًا إلى سيارته في مواقف الشركة التي خدم فيها إحدى عشرة سنة، صعد سيارته ووضع رأسه على المقود وألف تساؤل وفكرة تدور في رأسه، اتصلت به زوجته على غير عادتها في هذا الوقت، لم يرد فأعادت الاتصال: ألو جابر ما بك يا حبيبي لم ترد على مكالمتي الأولى ؟!
جابر: أهلاً حبيبتي لا يوجد ما يثير القلق.
ناهد: ولكن صوتك يوحي بغير ذلك.
جابر: ظنّك خاطئ عزيزتي، المهم إني سأتأخر في العمل قليلاً غاليتي.
ناهد: كان الله في عونك عزيزي، نحن في انتظارك.
أغلق الهاتف وصرخ صرخة كبيرة “يا الله خذ بيدي، دلّني على رحمتك الواسعة”.
قاد سيارته إلى الشاطئ وجلس على ضفاف البحر ودموعه تنهمر ولسانه يلهج بالدعاء، كيف سأخبر ناهد أنه تم فصلي عن العمل بسبب إفلاس الشركة، يا الله خذ بيدي.
عاد إلى منزله وكانت ناهد تنتظره على خبر قبولها في وظيفة براتب جميل، دخل المنزل وهي مبتسمة، بادرها بالسؤال: “ما بالك اليوم وأنتِ تنتظرين خلف الباب؟”، قالت وهي تصرخ فرحة “عزيزي تم قبولي في الوظيفة” أشاح بصره عنها قليلًا لكي لا تشعر بشيء، ولكنها قالت: “عزيزي بالله عليك قل لي ما بك؟، أخبرني”، قال لها: “ها هي رحمة الله الواسعة نزلت علينا”، فقالت ناهد: “وضح لي ماذا تقصد؟”، فرد جابر: “لقد تم فصلي اليوم وتم توظيفك بالمقابل، ها هي رحمة الله لي” فبكيا معًا.
وقفت ناهد وقالت له: “قم فلنتوضأ ونصلي ركعتين ونبدأ بالدعاء”، تبدّد الخوف والألم في لحظة وكأن الله مسح على قلبيهما برحمته، قالت ناهد: “الأمر لله والرزق بيده فلا شيء مني يعرف المستحيل وكذلك أنت، والله معنا وحولنا ولن نحتاج لأحد، وخزائن الله ممتلئة، الأمان الوظيفي غير موجود ولكن أمان الله في القلوب، ثق تمامًا بالعوض الجميل.
مر شهر على ذلك وثقتهم بالله تزداد وتنير قلوبهم وفي بداية الشهر التالي توظف جابر بوظيفة أفضل وبراتب أعلى، ثقتهم بالله ساقتهم للرزق سريعًا وحسن ظنهم بالله لم يخذلهم.
في هذه الدنيا نظن أن الرزق بيد صاحب العمل ولكنه بيد الخالق وتشاء أنت ولكن مشيئة الله لك هي الخير لك، ظن جميلًا وسترى الأجمل، كن عودًا صلبًا في الأزمات وثق تمامًا أن ما تمر به وإن كان ابتلاء فهو الخير والخيرة لك، فالله يدلنا على الصلاح والخيرة في أمورنا ولا يوجد شيء مستحيل.
كن قويًا ولا تجعل النية السيئة تغلبك، كن واثقًا بالله وأحسن الظن به سترى طريقك وإن اتبعت طريقًا آخر فخلف كل ظلام نور ساطع في نهاية الطريق.
رزقكم الله الرزق الواسع، دمتم بسعادة، وجبر الله خواطركم كجبر جابر